قالت الشاعرة الدكتورة نجاة علي، إن نجيب محفوظ الذي تحل اليوم الذكرى السنوية الثامنة لرحيله، هو أهم مشروع روائي عربي.
وأضافت د. نجاة علي في تصريح للقسم الثقافي بوكالة أنباء الشرق الأوسط: إن نجيب محفوظ في نظري هو "الأستاذ"ن كما يحلو لكثير من محبيه أن يصفوه، فحين تقرأ كتاباته تشعر كما لو كنت تتعلم دروسا في فن الكتابة بغض النظر عن اختيارك فيما بعد والمسافة التي ستتخذها من جماليات هذه الكتابة.
واستطردت قائلة: في ظني الشخصي أن مكانة محفوظ الأدبية لا تنبع من كونه قد حصل على جائزة نوبل، فهناك كتاب أقل منه قيمة بكثير قد حصلوا عليها، وعلى العكس مما يزعم البعض بأن هذه الجائزة هي ما أدخلته إلى دائرة الضوء، فقد تمكن محفوظ من أن يلفت الانتباه إليه في الأوساط النقدية العربية منذ مطلع الستينيات.
وأوضحت أن نجيب محفوظ كان معروفا خارج العالم العربي على نطاق واسع في الثمانينيات - قبل حصوله على جائزة نوبل - لطلبة الدراسات العربية، ودراسات الشرق الأوسط، على نحو ما يشير إدوارد سعيد وغيره، ولن يكون من المبالغة إذا قلت إن الأدب العربي لم يعرف في تاريخه كاتبا استثنائيا بحجم نجيب محفوظ، حيث تمكّن، عبر مشروعه الروائي، من أن يواكب التغيرات والتحولات في الرواية الغربية، إذ كان يخوض في كل رواية تجربة جديدة متكاملة، وظل كاتبا قادرا على إثارة الدهشة والأسئلة حتى أعماله الأخيرة، فلم تصبه أعراض الكهولة الأدبية، وظل شابا ورائدا للتجريب في فن الرواية.
وترى د. نجاة علي أن نجيب محفوظ تميز عن معاصريه من الروائيين بتعدد أشكاله السردية وتعدد المواضيع والقضايا التي تناولها في إطار رؤى فلسفية مختلفة في تصوير مصر وتشخيص فضاء القاهرة عبر امتداد تاريخ السلالات المالكة للسلطة والحكومات المتعاقبة، وبذلك يمكن اعتباره الناطق المعبر عن تاريخ مصر برواياته التي تسجل تحولاتها المختلفة.
وتقول د. نجاة علي: ولعل الوعي المديني"نسبة إلى المدينة" الذي انتسب إليه محفوظ وتجسد بعمق في رواياته التي عكست قيم المدينة التي تتصف بالتنوع والتعدد، هو ما يفسر لنا نزوع روايات محفوظ إلى «تعدد الأصوات»، يضاف إلى هذا انشغاله بتصوير عالم المدينة وتحديدا مدينة «القاهرة» وعلى وجه الخصوص «الأحياء الشعبية» التي تطرح بقوة عالم المهمشين والفقراء، وهم يمثلون غالبية سكان مصر.
ويحسب لنجيب محفوظ، كما تقول د. نجاة علي، أنه تمكن من أن يخرج بالرواية العربية إلى العالمية، لأنه أطلقها في رحاب الأسئلة الكونية الكبرى، ونقلها من منطقة الحكاية إلى منطقة فلسفية ميتافيزيقية عندما تحولت كتابته إلى أسئلة وجودية، فأضحي أقرب إلى الفيلسوف منه إلى الكاتب، واستطاع أن يطرق بجرأة بالغة مناطق قد يخشاها بعض الكتاب العرب خوفا من الاصطدام بفكرة المقدس أو الديني.