المتطرفون فى مصر كثيرون.. لا أشير هنا إلى التطرف الدينى، على الرغم من أنه أسوأ أنواع التطرف، لأنه يضفى على نفسه قدسية تمنعه من رؤية أو إدراك فداحة ما يفعله، والهوس يغشى بصره، ويعمى بصيرته، فلا يرى أنه من شدة تطرفه دينيا، صار عبدًا للشيطان وعدوًا للدين، يسىء إليه، ويطعنه فى مقتل، وهو يتصور أنه يحميه.
وعمى التطرف الدينى منع أصحابه من إدراك حقائق بسيطة، مثل أنه لو كان الغضب والحقد والغل والانتقام هم أساس الدين، لما بدأت كل سور قرآن الله -عز وجل- بـ«باسم الله الرحمن الرحيم»، ولكن الأجدى، لو أن رؤيتهم الغاضبة صحيحة، أن تبدأ السور باسم الله المنتقم الجبار.
ألم يسأل متطرف واحد منهم نفسه لماذا؟! مشكلة التطرف الدينى فى مصر، أن المسلم الطبيعى يؤمن بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر.. أما المتطرف، فهو يؤمن أولًا بمشايخه، وبكتب التراث، وبفتاوى الغاضبين، ثم يضع بعد كل هذا الإيمان بالله وملائكته ورسله، واليوم الآخر، الذى سيقف فيه أمام الرحمن الرحيم، وخلفه كل من روعهم وأذاهم وعذبهم وسفك دماءهم، يطالبونه بحق ما فعله بهم.. وعندما يرتجف، ويصرخ من هول الموقف، أنه قد فعل هذا فى سبيل الله جل جلاله، يفاجأ بأن عقابه أشد من الكافرين.. عقابا لأنه اتبع الشيطان، وكان عبدًا مخلصًا له فى الدنيا، يرتكب كل الشرور، التى ترضى الشيطان، والتى نهى عنها العزيز الحكيم، وعقابا أشد، لأنه نسب كل سوءاته إلى دين الرحمن الرحيم، فأساء إليه وإلى نفسه.. وكل حسنة فعلها فى حياته سيدفعها لمن أساء إليهم، وعندما تنفد حسناته، من كثرة مَن أساء إليهم، سيسمع فى أعماقه ضحكات الشيطان الساخرة، لأنه وقع فى فخه، عندما زيّن له الشر والسوء، فكان مصيره الجحيم، يبقى فيه أبدا.
حتمًا سيسخر المتطرفون الدينيون من هذا؛ لأن الشيطان أشطر منى، وعبقريته فى تزيين شروره، تفوق قدرة كل إنسان على التنبيه إلى ذلك!! ولكن هذا التطرف الدينى ليس التطرف الوحيد الذى تعانى منه مصر، فهناك تطرف سياسى، يملأ نفوس البعض بالكراهية والحقد، على كل إنجاز قومى، فقط لأنهم يكرهون مَن قام به، بغض النظر عن فائدته للوطن، الذى ينسونه من فرط حقدهم وكراهيتهم وغلهم.. وهناك تطرف رياضى كروى، هو أخطر فى نظرى من التطرف الدينى.. ربما لأنه بدأ يتخذ منحنى آخر شديد التطرف، إلى حد محاولة القتل!! الأمر الوحيد الذى أؤمن به، هو أنها مسألة وقت.. تماما كما يقول التاريخ.. وأول ما سيسقط هو التطرف الدينى، لأنه يتعارض مع الفطرة السليمة، وسيبقى التطرف السياسى، إلى أن تنتفى مبررات وجوده.. أما التطرف الرياضى، والكروى بالتحديد، فسيبقى لفترة أطول بكثير، لأن الرياضة تدفع الجسم إلى ضخ مزيد من الأدرينالين، وإشعال النشاط الجسدى والعصبى.. ولكنها، وفى كل الأحوال مسألة وقت.. ثقوا بى.