فى كتاب "خمسة يحكمون العالم" (تأليف ديفيد بوسكو- ترجمة أحمد معمر) يؤكد المؤلف الذي شغل العديد من المواقع البالغة الأهمية في تدريس العلوم السياسية بالولايات المتحدة، وفي تحرير مجلة شئون خارجية الأمريكية الشهيرة، ان مجلس الأمن الدولي الحالي يمثل امتدادا لتجربة عصبة الأمم التي شهدها العالم بعد معاهدة الصلح الموقعة في قصر فرساي بالعاصمة الفرنسية باريس عام 1918.
**جذور الأزمة
كانت عصبة الأمم بمثابة أحد أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية، بعد أن أخفقت في حماية الأمن والسلام في القارة الأوربية حتى عقد الثلاثينات من القرن الماضي، إذ لم تستطع العصبة أن تواجه أطماع إيطاليا في غزو الحبشة( اثيوبيا ) كما كانت تعرف حينذاك، بالرغم من أن إيطاليا التي انضمت إلى الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، كانت من الأعضاء المؤسسين في عصبة الأمم، ولكن بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، قررت الدول المنتصرة إعادة تأسيس مؤسسة عالمية تصبح أكثر حسما وانضباطا في مراقبة سلوك الدول، ومن ثم تقرر تشكيل مجحلس الأمن الدولي في اجتماع تأسيس الأمم المتحدة بمدينة سان فرانسسكو الأمريكية في خريف عام 1945.
*خونة ومتآمرون
يشير المؤلف إلى أن الدول الدائمة العضوية تسابقت في اختراق معايير الأمن والسلم في لعالم، بدءا من الحرب الكورية التي استغرقت السنوات الثلاث بين عامي 1950و1953، بالإضافة إلى الحرب في غقليم الهند الصينية عندما واجهت فرنسا تطلعات شعوب المنطقة إلى الاستقلال بقوة السلاح، وعندما عجزت القوة الفرنسية عن المضي في هذه المواجهة، تم توريط الولاياتالمتحدة في تلك الحرب، التي انتهت بفضيحة حرب فيتنام، فضلا عن العدوان الثلاثي عالى مصر عام 1956، حيث شاركت اثنتان من الدول الدائمة العضوية في الاعتداء على مصر التي استقلت حديثا عن بريطانيا حينذاك، وبعد ذلك بعدة سنوات قمعت القوات السوفيتية انتفاضة شعب المجر عام 1968، فيما عرف بربيع براج.
وقال الدكتور بورس كرونين مؤلف كتاب مجلس الأمن الدولي وإدارة العالم، إن هناك العديد من الضوابط الصارمة التي تحدد حصول اية دولة على العضوية في المجلس، إذ ان الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية وهي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين وروسيا وفرنسا، هي الدول التي تستحوذ على العضوية وتمنع غيرها من الفوز بهذه المكانة الرفيعة، مع ملاحظة أن وضع روسيا والصين بالتحديد شهد تغيرا حاسما بعد انتضار الثورة الشيوعية في الصين في مطلع أكتوبر من عام 1949، حيث استمرت مطالبة بكين بالحصول على مكقعد الصين الوطنية( تايوان أو فرموزا كما كانت تعرف آنذاك) ، ولم تتمكن الصين من الحصول على المقعد الخاص بالصين الوطنية إلا بعد التحولات العميقة في موقف الولايات المتحدة من بكين، بعد الزيارة الشهيرة التي قام بها الرئيس الأمريكي غلى العاصمة الصينية في النصف الأول من السبعينات من القرن الماضي.