ايجى ميديا

الجمعة , 22 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

«تحية كاريوكا» ابنة الرحَّالة التي غيرَّت مفهوم الرقص بمصر

-  
تحية كاريوكا

خبر صغير نشرته مجلة «روز اليوسف» فى 23 أغسطس عام 1954، عنوان الخبر يقول: «كاريوكا تعود إلى مصر»، أما نصه فهكذا: «كان قسم الإنتاج السينمائى فى شركة النيل قد أرسل إلى تحية كاريوكا يعرض عليها العمل فى فيلم (الميعاد) الذى يبدأ تصويره فى منتصف شهر سبتمبر القادم ويخرجه أحمد كامل مرسى.. وقد أرسلت تحية كاريوكا يوم الأربعاء الماضى تلغرافا إلى الشركة تقول فيه إنها وافقت على العمل فى هذا الفيلم، وإنها ستحضر إلى القاهرة أول الشهر»، انتهى الخبر الذى يعدّ خبرا عابرا من أخبار الفنانة والراقصة تحية كاريوكا، التى لم يكن صعودها إلى شخصيات الصف الأول فى المجتمع سهلا بأى شكل من الأشكال.

 

خصوصا أنها كانت فى مجال حرب دائرة دوما حولها، لتصعيد فنانة وراقصة أخرى مثل سامية جمال، التى كانت قريبة بشكل ما من الدوائر الملكية فى عهد الملك فاروق، الذى اختارها له أحد رجاله «بوللى»، لتقوم بدور الترفيه فى القصر الملكى، ولكن تحية كانت وجدت نفسها منذ البداية فى الطريق الصعب والشاق، الذى يجرّ عليها أشكالا كثيرة من المتاعب، فوالدها التاجر والرحالة الحاج على أبو العلا النيدانى، وكان مزواجا كبيرا، وكان يفرض على زوجاته اللاتى ظللن لائحة للتعامل.

 

وكان الحاج من أصول صحراوية حجازية، وطاف بموانى البحر الأحمر -كما يكتب جليل البندارى فى كتابه «راقصات من مصر»- ثم استقر به المقام فى مدينة الإسماعيلية، بجوار زوجاته اللاتى يجمعهن فى بيت واحد، ووضع لهن الدستور الذى يقضى بأن تتولى كل زوجة شؤون البيت يوما وليلة! ومات الحاج أبو العلا وعلى ذمته أربع زوجات، غير أنه كان متزوجا من سبع قبلهن.

وعندما مات كانت «بدوية»، أى تحية فى الخامسة من عمرها، وذهبت بدوية لتعيش مع شقيقها الأكبر، الذى عذبها فى طفولتها، وكان قاسيا عليها بشكل غريب، وألحقها بالكتّاب، وكانت تذهب وتعود يوميا حاملة معها قرش صاغ، وعندما سألها عن مصدر هذا القرش، قالت له إنها تجده فى الطريق، وذهب معها، ولكنه لم يجد كلامها صحيحا، فحرمها من الذهاب إلى الكتّاب، مع ازدياد فى القسوة، مما اضطرها إلى الهرب.

فعندما جاءت إليها واحدة وقالت لها: «أمك تنتظرك فى المنزلة»، خرجت سرًّا من بيت أخيها، وركبت القطار لتصل إلى أمها، ولكن المحصل قال لها: إننا ذاهبون إلى القاهرة، فقالت له: فليكن، وذهبت إلى القاهرة واضعة فى ذاكرتها أن تسأل عن سعاد أبو المحاسن إحدى الراقصات، وهى من معرف الأب، وكانت تزور بيت الأسرة فى الإسماعيلية فى أثناء حياة الأب، وكان له فضل عليها، ولكن عندما ذهبت إلى صالة سعاد فى القاهرة، قالوا لها: إنها فى الإسكندرية، فذهبت إليها فى الإسكندرية، ومن هناك بدأت بدوية مسيرتها، وقالت لسعاد: إننى لا أحب أن أعيش عالة على أحد! وبعد إلحاح ألحقتها سعاد بمجموعة الراقصات الكومبارس، وقد تعلمت تحية فن الرقص، والرقص فى حد ذاته لم يكن صعبا ومستحيلا بالنسبة إليها، ولكن الطقوس المصاحبة له هى التى كانت تزعجها.

وينقل جليل البندارى رأيها فى صعوبة ذلك، وهى تحكى لرشدى أباظة فى لحظة رضا، وقبيل اتفاقهما على الزواج فى مقتبل حياتها، فقالت لرشدى: «إن أعصاب الراقصات من حرير.. وحياتهن على كف القدر.. فقد تطرد الراقصة من عملها لأتفه الأسباب.. وقد يحدث أن ينادى عمدة من زبائن الصالة إحدى الفتيات، لمشاطرته الكؤوس، فتعتذر الفتاة أو تتردد فى القبول أو تعبس فى وجهه دون قصد.. فيكون مصيرها من صاحبة الصالة أن تلقى بها فى عرض الطريق!».

 

هكذا كانت تحية تعيش بين نيران متعددة، كرامتها وعنادها واعتزازها بشخصيتها وطولة لسانها وانفعالها، وبين شروط اللعبة المهينة، وما يحاط بالرقص والراقصات من أطماع وغوايات كثيرة كانت تخضع لها الراقصات دوما، ولكن تحية أصرّت على خلق مناخات خاصة بها، وخاضت عدة تجارب من الزواج، منها الزوج الأمريكى، الذى حاول جمهورها أن يعاقبها على ذلك بعد عودتها، ولم يكن هذا الزواج إلا خطوة نزقة فى طريق أحلام تحية للوصول إلى هوليوود، وتزوجت تحية هذا الرجل الأمريكى الذى سوف تصل معه إلى هوليوود، بعدما شهر إسلامه، وشهد على عقد الزواج رجلان سوريان، وكتب لهما عقد الزواج الشيخ مصطفى، وعندما فشل حلمها هناك، عادت إلى مصر، ورغم الروح السلبية التى واجهها بها جمهورها، فإن تحية كانت عنيدة، فحوّلت هذه الروح السلبية والفاترة إلى إعجاب من جمهورها ونقادها.

وشاركت بقوة فى الحياة الفنية والسياسية، وشاركت زوجها الضابط مصطفى كمال صدقى العمل السياسى، الذى كان ينتمى إلى أحد التنظيمات اليسارية، وعندما قامت ثورة يوليو قامت بنشاط عارم لمناصرتها، وكانت تذهب مع الفنانين إلى الأقاليم والمحافظات للدعاية الإيجابية لمبادئ الثورة، عندما كانوا يذهبون فى «قطار الرحمة».

وشاركت فى مهرجانات عالمية لتمثيل مصر، وحاز فيلم «شباب امرأة» من إخراج صلاح أبو سيف على نجاحات مدّوية فى العالم، وكتب عنه وعنها نقاد عالميون آنذاك، ورفعت رأس مصر بقوة، لقدرتها على تجسيد بنت البلد الشعبية وخفيفة الظل والجدعة والكريمة، وهذه كانت صفات تحية نفسها، التى دفعت مفكرا عالميا من طراز إدوارد سعيد ليكتب عنها، ويقارنها بالهرم والنيل وأم كلثوم وجمال عبد الناصر وثورة يوليو، ويعدّها من أبرز الرموز الوطنية.

وحصلت كاريوكا على جوائز كبرى فى مصر والعالم، لكن كانت جائزتها الكبرى، هى محبة جمهورها وتقديره لها، رغم أن مهنتها الرسمية هى الرقص، لذلك خاضت تحية وقادت نضالات نقابية لإنقاذ مهنتى الرقص والتمثيل من إهانات سلبيات عديدة أحاطت بهما، لذلك فتحية كاريوكا تعتبر أحد الرموز الفنية والثقافية المصرية الكبيرة، فهى قد ثقَّفت نفسها، وأجادت الحديث باللغتين الفرنسية والإنجليزية، ورحلت وهى تاركة لنا تراثا مجيدا من الإنجازات والمواقف الحاسمة فى مسيرة الفنون عموما.

التعليقات