■ كثير من الناس ربما يترحمون فى الظلام الآن على أيام كان التيار الكهربائى يبدو متوفرا، ويفيض عن حاجة الاستهلاك العادى للسكان بمن فيهم حرامية الغسيل البهوات، الذين ظلوا يرقدون على قلوبنا عقودا وسنين طويلة، وقد كان أبلغ وأقوى دليل وقتها على أننا نتمتع بالعيش فى مجتمع وفرة ونهضة كهربائية عظيمة جدا، أن نظام الأستاذ حسنى مبارك وولده وحكومته كانوا يستثمرون فائض الكهرباء فى توصيل التيار مجانا إلى أبدان عدد لا بأس به من المصريين ممن يسعدهم الحظ ويصيبهم دور الحبس والبهدلة فى مراكز وأقسام الشرطة وبعض السجون والمعتقلات.. ربما البعض يحنّ حاليا إلى هذه الأيام السوداء التى كنا نشعر فيها بارتعاش التكهرب اللذيذ.
■ لكن يكذب مَن يدّعى هذه الأيام أننا خلاص فقدنا اللذة الكهربائية، وأنها غابت تماما عن حياتنا خلف الظلام الدامس، فرغم أن تيار الكهرباء أضحى يشارك الأستاذ «الغول» والست «العنقاء» ومعهما «الخِلّ الوفى» فى الندرة أو الاستحالة، ومع ذلك فحالة صحتنا الكهربائية ليست سيئة إلى هذا الحد، آية ذلك أن صيامنا الكهربائى الذى تطول ساعاته باطراد كل يوم، ينتهى بفرحة عودته (تشبه فرحة الصائم بالإفطار) لمدة دقائق تكفى لكى يصرخ الكبير قبل الصغير بفرح وحبور شديدين: هيييه.. الكهرباء رجعت.
■ الست السفاحة «داعش» هانم المتوحشة، قتلت قبل يومين طبيبة أسنان شابة تعيش فى مدينة الرقة السورية، وأبلغت أسرتها أن سبب قتل ابنتهم ذبحًا أنها ارتكبت الفحشاء.. كيف؟! الطبيبة الشهيدة تجرأت وعالجت بعض الرجال المرضى وكشفت على أسنانهم التى هى عورة (!!)
وكانت السفاحة نفسها قد قتلت فى مدينة الموصل العراقية قبل أسبوع (ضمن مهرجان القتل والصلب والذبح الجماعى اليومى) طبيبة أخرى مشهورة فى المدينة.. لماذا؟ لأنها تمارس عملها فى الكشف على النساء باعتبارها اختصاصية فى الأمراض النسائية (!!) فأما الحجة الشرعية فهى أن المرأة عموما عورة والطب عموما حرام، فضلا عن أنه من الكبائر التى لا تُغتفر أن تفحص أنثى طبيبة أنثى أخرى، بينما هذه الأخيرة فى حالة خلوة شرعية مع المرض، الذى هو «ذكر» بإجماع آراء فقهاء الهمجية والجنان الإجرامى الرسمى!!!
■ وكانت فرقة من الواغش تابعة لعصابة «داعش» قد نصبت مؤخرا فى إحدى مناطق العراق سوقا عظيمة للنخاسة، عرضت وباعت فيها نحو 700 امرأة مسكينة من حرائرنا، وحددت لكل منهن (سواء كانت سيدة أو فتاة) سعرا موحدا هو 150 دولارا فقط.. وكما ترى فالسعر يبدو بسيطا ومدعوما ويناسب أصحاب الدخل المحدود والمعدوم أيضا، الذين يرغبون فى اقتناء أَمَة «عبدة» أو أكثر بغرض الاستعمال الشخصى أو تأسيس مشروع «سبوبة» صغيرة للتجارة الحلال (بـ«القطاعى»، لأن العصابة تحتكر تجارة «الجملة») فى الأعراض والأرواح والأجساد الإنسانية!!!
■ هذا «الواغش» القذر والمشوه عقلا وروحا وخلقا، كان أيضا قد أجبر إدارات المدارس فى المناطق الخاضعة لعصاباته على إلغاء مناهج التعليم المعمول بها، واستبدل بها مناهج شيطانية أخرى، من شأنها إنعاش التأخر والانحطاط وزرع ثقافة التوحش والهمجية.. أما أهم المواد الدراسية التى شدد «الواغشيون» على تحريمها واجتثاثها تماما من العقول والرؤوس، فهى مادتا «الفلسفة» و«الكيمياء».. لماذا؟! لأنهما «لا تعتمدان على الله».. الله يخرب بيوتكم وبيوت المتأنقين النصابين السفلة الذين يسوّغون ويبررون أو يتجاهلون عارهم وشنارهم ووسخ وجودهم فى دنيانا.
صباح الفل.
