أفرجت هيئة محكمة مبارك فى قتل المتظاهرين فى ثورة 25 يناير والفساد المالى، عن الشهادات السرية لعدد من الشخصيات التى أدلت بشهادتها أمام المحكمة فكانت معظمها كأنها «شاهد ما شافش حاجة».
.. ورغم أن أصحاب الشهادات شخصيات كانت مؤثرة فى إدارة البلاد سواء قبل الثورة أو فى أثنائها وبعدها -ومن بينهم أعضاء فى المجلس العسكرى وعلى رأسهم المشير طنطاوى رئيس المجلس العسكرى السابق، الذى أدار البلاد بعد تنحى مبارك عن السلطة بتأثير الثورة وإعلان القوات المسلحة مساندة الثورة وتفهم مطالب الشعب- فإن تلك الشهادات جاء معظمها انطباعيا وخاليا من معلومات حقيقية، فضلا عما جرى من أحداث فى عامى 2012 و2013 وصعود وسقوط الإخوان ومحاولة الجماعة السيطرة على الدولة ومؤسساتها لأن تكون تابعة لمكتب الإرشاد.. مما انعكس على الشهادات.
.. بل انعكس ما جرى من الإخوان على دفاع المتهمين أنفسهم، ولعل مراجعة مذكرة دفاع حبيب العادلى فى المحاكمة الأولى ستجد فارقا كبيرا عن مرافعته عن نفسه فى 2014، وبالطبع كان إسهام الإخوان بعنفهم وإرهابهم السبب فى ذلك.
.. بل إن هناك من الدفاع من استغل أحداث ما بعد ثورة 25 يناير لينال من الثوار والقوى التى خرجت ضد استبداد وفساد مبارك ونظامه وعنف وتعذيب وقهر داخلية العادلى.. باتهام الثوار بالعنف وحرق البلاد (!!).
.. ستجد فى الشهادات سياسة أكثر منها وقائع جنائية متعلقة بدور مبارك والداخلية فى قتل المتظاهرين.. ومع هذا المحاكمة جنائية وليست سياسية.
لو كان مبارك تمت محاكمته سياسيا مع رجاله ووزير داخليته لكانت الأمور قد تغيرت كثيرا، فلا أحد يستطيع أن ينفى عن مبارك أنه حاكم مستبد حكم البلاد 30 عاما وكان يريد توريث الحكم لابنه جمال وهناك شواهد كثيرة على ذلك بما فيها تركيبة الحزب الوطنى الفاسد الذى كان يحكم البلاد فى السنوات الأخيرة من خلال لجنة سياسات الابن.. ومع هذا تجد فى الشهادات أمام المحكمة مَن يصف مشروع التوريث بالشائعة!!
.. ولا أحد يستطيع أن ينكر أن مبارك شارك فى نهب البلاد وترك الحبل على الغارب لرجال أعماله وأصدقاء ابنه فى النهب المنظم.
.. ولا أحد يستطيع أن ينكر أن مبارك قضى على القطاع العام.
.. ولا أحد يستطيع أن ينكر أن مبارك ونظامه كان يسهّل النهب لرجاله ليصبحوا محتكرين للسلع والتوكيلات.
.. ولا أحد يستطيع أن ينكر أن الانتخابات والاستفتاءات الرئاسية التى جرت فى عهد مبارك كانت مزورة.. فضلا عن استخدام مؤسسات الدولة لصالح فرد واحد هو مبارك وأسرته بما فى ذلك وزارة الداخلية التى تعمدت القهر للناس، فضلا عن التعذيب الممنهج فى السجون وأماكن الاحتجاز.
.. ولم يسْعَ مبارك إلى أى إصلاح.. وحتى عندما جرى الضغط عليه داخليا وخارجيا كان يريد إصلاحا من أجل تمكين ابنه للسيطرة وإعداده للتوريث.
.. من أجل ذلك وغيره.. كانت الثورة عليه وعلى نظامه ورجاله.
.. وكان يجب محاسبة مبارك ورجاله على مسؤولياته وجرائمه السياسية التى ورَّثها للأجيال القادمة.. ولعل ما نعيش فيه الآن من أزمات من تأثير سنوات حكمه الطويلة.
.. لكن هناك من أراد إجهاض الثورة!!
لكن ستظل ثورة 25 يناير ثورة شعب.