شاهدت بنفسى «بيزنس» كبيرا نما وترعرع فى واشنطن منذ عام 2003 حتى مجىء ما يسمى «الربيع العربى»، اسمه بيزنس مشاركة الإسلاميين فى الحكم. بعد أن هدأ الأمريكيون من تأثيرات أحداث 11 سبتمبر الصادمة، بدأ التفكير فى مسألتين تخصان ما يسمى العالم الإسلامى، الهوجة الأولى اسمها إصلاح الإسلام والخطاب الإسلامى لكى يكون متوافقا مع القيم العالمية المعاصرة، أما المسألة الأخرى الأكثر أهمية وهى مشاركة ما يسمى الإسلامى المعتدل فى الحكم لكى يستطيع استيعاب وامتصاص ظاهرة التطرف والإرهاب.
وفى حين أن مسألة الإصلاح الدينى تنافست عليها منظمات المجتمع المدنى التى عقدت المؤتمرات وأصدرت البيانات وناقشت المقررات وطبعت الكتب، وطبعا كل هذا ممول من الغرب وانتهى إلى لا شىء تقريبا، فإن المسألة الأكثر خطورة وهى المشاركة فى الحكم رعتها دول وجماعات تسعى وترتب وتخطط لكى تقفز على الحكم، وبالتحديد دولتى تركيا وقطر وتنظيم الإخوان المسلمين الدولى، ولأن مسألة الحكم هى شىء أهم بكثير من فكرة الإصلاح الدينى الذى لن يحدث أبدا، فإن الإنفاق على هذا الموضوع الحيوى أسهمت قطر فيه بالدور الأكبر ماليا وإعلاميا.
لصالح الإخوان المسلمين وشركائهم. كل باحث عربى يسعى إلى الشهرة والمال بأى ثمن من الموجودين فى أمريكا وأوروبا تم استقطابهم للعمل فى هذا المشروع.
رأينا عددا كبيرا من المؤتمرات فى الجامعات الأمريكية والأوروبية يخصص لمسألة مشاركة الإسلاميين فى الحكم.
رأينا مراكز أبحاث أمريكية تم ضخ الملايين بها من أجل هذا الموضوع. رأينا جماعات ضغط وشركات علاقات عامة فى أمريكا ينفق عليها عشرات الملايين للترويج لهذا المشروع.
رأينا الأموال تلعب فى أيدى هؤلاء الباحثين والنشطاء الحركيين الذين قبلوا المشاركة فى هذا المشروع، علاوة على التنقل من محطة تليفزيون إلى أخرى، رأينا الرحلات المكوكية لهؤلاء من الدوحة إلى واشنطن ولندن وباريس ومدريد وباريس وبروكسل والعكس.
رأينا مئات الأبحاث والمقالات والفاعليات التى تتناول موضوع أهمية مشاركة الإسلاميين فى الحكم. رأينا تركيا تقوم بدعاية هائلة من خلال تقديم نفسها للعالم كنموذج للحكم الإسلامى المعتدل الذى سيكون مثالًا للشرق الأوسط الجديد كله.. رأينا كل هذا وأكثر بكثير من هذا.
وجاء الربيع العربى وصعود الإخوان فى بعض الدول وانكسارهم فى البلد الأهم والأكبر والمركز الرئيسى لتنظيمهم وهو مصر، ورأينا كراهية الشعب المصرى لهم ونفوره منهم، ورأينا التفاف الشعب حول ثورة 30 يونيو وحول رئيسه الجديد عبد الفتاح السيسى، ورأينا خروج الإخوان من الصورة ومن التاريخ يوما بعد يوم، ورأينا تحمُّل الشعب المصرى والجيش والشرطة ضريبة الدم والمال من أجل تخليص مصر من هذا التنظيم نهائيا عبر مئات الشهداء وخسائر كبيرة فى الاقتصاد وحرق عشرات الكنائس وتعطيل مصالح البلاد والعباد.
باختصار هذه المصالحة هى لإنقاذ الإخوان وإغراق مصر، فهل يقبل أى مصرى وطنى بهذا الدور أو الموافقة عليه؟.
مجدى خليل