الشعب فى حاجة إلى مشروع يجمعه.
فى حاجة إلى التفاؤل بالعمل من أجل المستقبل.. فى حاجة إلى التصالح مع المجتمع والعودة إلى قيم العمل من خلال مشروع قومى.
من هنا يأمل الناس أن يكون مشروع قناة السويس الثانية ومحور تنمية القناة هو ذلك المشروع الكبير الذى يعيد سيرة المشروعات الكبرى التى استطاع الشعب المصرى أن يتصدى لها وينفذها مثلما حدث فى مشروع السد العالى وتضافُر كل القوى فى المجتمع لإنجاز هذا المشروع الذى وضع مصر على خريطة المشروعات الكبرى وبأياد وأفكار مصرية خالصة.
وأثبت الشعب تحديه لكل الظروف المحيطة وتخاذل المجتمع الدولى ومنظمات التمويل فكان الشعب هو المنجز.
وصنع مشروع السد العالى القومى العملاق أملا فى المصريين جميعًا.. فكانت الملحمة الكبرى التى أثبتت قدرة المصريين على الإنجاز.
وبدأت المشروعات تتتابع بالخبرة التى حصل عليها الذين شاركوا فى المشروع فخرجت شركات عملاقة تعمل فى تحديث المجتمع وقتها.
وخرجت كبرى شركات المقاولات التى استطاعت أن تفتح أسواق لأعمالها فى دول كثيرة بعد الخبرة التى حصلت عليها فى بناء السد.
وكان بناء المصانع الكبرى..
وبدأت التنمية المستقلة..
هكذا كان واقع مصر فى الستينيات بمشروعات مصر القومية الكبرى التى أشرف عليها عبد الناصر.
وقد كانت تلك المشروعات سببا فى حماية البلاد من الخسائر التى تكبدتها فى هزيمة ١٩٦٧، فاستطاعت أن تخرج سريعا من تلك الأزمة.
ولو قُدر لمصر وقتها أن تستمر فى تنميتها وطموحها وعزم رجالها لكان لمصر شأن عظيم بين مصاف الدول التى أصبحت أسودًا ونمورًا اقتصادية.
لكن للأسف الشديد لم تسر البلاد بعد ذلك فى مشروعاتها القومية الكبرى رغم الانتصار فى حرب أكتوبر.
فقد جعل السادات مشروعه القومى هو الانفتاح على العالم.. فكان انفتاحا «سداحا مداحًا».. وولد مجموعة من الحيتان الذين استفادوا من هذا الانفتاح وكونوا ثروات هائلة ونشروا ثقافة الاستهلاك والتجارة من أجل المكسب السريع على حساب المشروعات الكبرى التى تحقق التنمية.. فكان الفشل العظيم وتخلف الاقتصاد والتنمية فى تلك الفترة.. وإن حافظ على الطبقة الطفيلية الجديدة التى ظهرت.. وما زلنا نتأثر بها حتى الآن.
وجاء عهد مبارك الذى تفاءل الناس به فى البداية بعد الإفراج عن المعتقلين من كل طوائف المجتمع وقواه السياسية الذين اعتقلهم السادات.. وكأن هناك مصالح جديدة.. وأتبع ذلك بمؤتمر اقتصادى كبير شاركت فيه كل الفعاليات العامة والمتخصصة للخروج من الأزمة التى كادت تطيح بالبلاد.
وحشد مبارك كل القوى لمواجهة الإرهاب وسانده الشعب والقوى السياسية.. لكن كان فى النهاية عينه على الحكم والاستبداد.
وزاد الفقر فى عهده..
وزاد المليونيرات الذين أصبحوا مليارديرات من التوكيلات الجديدة والاستيلاء على الأراضى وتسقيعها ونهب خيرات البلاد.
فضلا عن تخلصه من شركات القطاع العام التى كانت سندا للاقتصاد المصرى بأثمان بخسة من أجل الرشوة التى كان يحصل عليها هو ورجاله.
وفشل كسابقه فى دعوة الناس إلى مشروع قومى يجمع الناس حوله.. وإن حاول فى مشروعات تبيَّن بعد ذلك أنها وهمية وكانت خسائرها كبيرة.
ولأن هناك استعادة لمشروع قومى جديد هو مشروع قناة السويس سواء بحفر القناة الجديدة أو مشروع تنمية محور قناة السويس فالأمل أن يعود تكاتف الجميع فى هذا المشروع.
والأمل أن يمنح المشروع خبرة لشركات جديدة لتشارك فى بناء مصر الجديدة كما حدث فى السابق. والأمل أن يمنح كل المشاركين فى هذه المشاريع الثقة فى بناء الدولة الجديدة.