ايجى ميديا

الخميس , 16 مايو 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

طارق الشناوي يكتب: سعيد صالح.. ضحك بالفانيليا!!

-  
طارق الشناوي

عندما يذكر اسم سعيد صالح يداعبك على الفور اسم عادل إمام فهما فى الذاكرة الجماعية الصديقان الصعلوكان


جائزة المهرجان القومى للسينما واحدة من المرات القليلة التى ينصف فيها المبدع الكبير


أنشأ فرقة مسرحية أدت إلى خسارته أمواله ولم يكتف بالتمثيل بل غنى ولحن


هل كان يُدرك أنها المرة الأخيرة التى سوف يودع بعدها الجمهور، فى شهر نوفمبر الماضى صعد سعيد صالح على خشبة المسرح الكبير وتسلم الجائزة من المهرجان القومى للسينما عن دوره فى فيلم «زهايمر»، إنها واحدة من المرات القليلة التى يتم فيها إنصاف هذا المبدع الكبير. شاهدناه أخيرا بعد نصف قرن من العطاء يحتضن جائزة، وقرأت يومها على ملامح وجهه الرضا والامتنان وكأنه يعلم باقتراب الوداع.


عندما يذكر اسم سعيد صالح يداعبك على الفور اسم رفيق المشوار عادل إمام، فهما فى الذاكرة الجماعية الصديقان الصعلوكان مرسى الزناتى وبهجت الأباصيرى فى «مدرسة المشاغبين»، تلك المسرحية التى شكلت مرحلة انتقالية فى مسار ومصير الكوميديا، حيث أعلنا انقلابا فى المملكة، سعيد وعادل قدما شفرة كوميدية عصرية لها مذاق مختلف، بعد جيل مدبولى والمهندس وعوض، ومن بعدها تسيدا المسرح والسينما والتليفزيون.


عادل وسعيد أو سعيد وعادل فلم يكن هناك فى البداية من يستطيع أن يؤكد من هو الزعيم، بل إن سعيد كان هو المرشح الأول لدور الأباصيرى وكان عادل هو الزناتى، ووافق سعيد على التغيير فى اللحظة الأخيرة نزولا على رغبة صديقه، وأصدرا خلال عرض المسرحية البيان الأول لمملكة الكوميديا الجديدة، وهو ما أدركه عبد المنعم مدبولى، الذى كان يؤدى دور الناظر قبل تصوير المشاغبين تليفزيونيا بحسن مصطفى، أيقن مدبولى أن هناك من يريد إزاحة جيلهم، ولهذا كان يعلن يوميا التذمر مهددا سمير خفاجة صاحب فرقة المتحدين المنتجة للعرض بالانسحاب لو لم يوقف سعيد وعادل عن الخروج على النص، ووجد خفاجة بخبرته أن هؤلاء هم القادمون لا محالة فضحى بمدبولى.


عادل كان يشعل موهبته فأحاطها بسياج من العقل، بينما سعيد لم يفعل شيئا سوى أنه كان يسعى جاهدا لتفجير تلك الموهبة، عادل عقل يفكر ويخطط وسعيد مشاعر تهدد وتبدد، عادل يمتلك بوصلة تحدد خطوته القادمة، وسعيد ليس لديه أساسًا خطوة قادمة إنه التجسيد الحى لتعبير «ألاوى»، ارتضى بالدور الثانى مع عادل إمام فى أفلامه وكان مصيره دائما هو الموت، بينما يُكمل عادل الفيلم حتى تتر النهاية.


ورغم ذلك فإن تصفيق الجماهير له أثناء تكريمه وهذا الدفء وتلك الحميمية التى قوبل بها، كانت الشهادة الحقيقية التى نالها، إنها جائزة لجنة التحكيم الخاصة التى نالها فى آخر ظهور إعلامى له، وهى بالفعل جائزة خاصة جدا لفنان خاص جدا جدا.


«الأول أكلنا المش والثانى علمنا الغش والثالث لا بيهش ولا بينش» واحدة من مأثوراته المسرحية مثل «اللى يتجوز أمى أقوله ياعمى وأستك منه فيه» وغيرها، لو تتبعت سيكلوجيا قانون «اللزمة» لأيقنت أن ترديد الجماهير لها هو مكافأة لا يمنحها إلا لمن يمنحهم حبا مطلقا.


اللزمة الممزوجة بالسياسة هى التى ترشق فى قلوب الناس لأنها تُشفى غليلهم من النظام، وهو ما يخشاه النجوم لأن الدولة لا تنسى، بينما سعيد لا يُلقى بالًا لكل ذلك، فهو لم يُفكر أبدا فى العواقب، هكذا جاء تعبير «الثالث لا بيهش ولا بينش» فى مطلع الثمانينيات مستقبلا بداية حكم المخلوع حسنى مبارك فهو الثالث، وكان يقصد بالطبع الأول عبد الناصر والثانى السادات، لم تدخله هذه العبارة السجن مباشرة، ولكن لم تنسَها له أجهزة الدولة، فكان أول فنان يدخل السجن بعدها ببضعة أشهر لخروجه على النص، وذلك عندما أمسك بسنارة فى إحدى المسرحيات وسألوه ماذا تفعل؟ أجابهم «بصطاد نسوان»، وهى جملة كما ترى مهذبة جدا بالقياس لما كنا نسمعه ونستمع إلى أكثر منه الآن، ولكنها تُعد فى عُرف القانون خروجا عن النص المسرحى المصرح به من قبل الرقابة وهى بالتأكيد «تلكيكة»، وبعدها عرف السجن مجددا بتلكيكة أخرى بسبب تعاطى المخدرات، وذلك فى منتصف التسعينيات حيث ألقوا القبض عليه فى شقته بالإسكندرية، والتعاطى جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن من عام إلى خمسة أعوام، ولكن هل يعتقد أحد أن سعيد صالح الوحيد بين أقرانه الذى يدخن الحشيش أم أنهم نشنوا عليه، فى كل الأحوال سعيد لن يخجل يوما من الشهور التى أمضاها فى السجن فلقد تعلم منها الكثير، ولكن هل فعلتها الدولة حقا لأنها تريد مكافحة التعاطى، الدولة فى كل العهود تلجأ إلى سلاح الانتقاء سواء عن طريق ملاحقة الضرائب أو المتابعة الشخصية، وهذا يفسر لك فى جانب منه لماذا يقف الفنان دائما إلى جانب الدولة مؤيدا ومشجعا ظالمة أو مظلومة، سعيد لم يكن يوما صوتا للدولة، فهو لم يسع يوما لإرضاء السلطة وفى كل العهود، ولم تمنحه أى شىء فى كل العهود.


سعيد لديه عين قادرة على أن تلتقط المواهب، كان هو أول من أشار إلى موهبة أحمد زكى عندما كان يكتب اسمه ثلاثيا أحمد زكى عبد الرحمن، شاهده سعيد بين المجاميع فى مسرحية «القاهرة فى ألف عام» فقدمه لنجوم تلك المرحلة عادل إمام وصلاح السعدنى والمنتج سمير خفاجة، ومن بعدها جاءته الخطوة الأولى فى «هالو شلبى» بطولة سعيد صالح وبعدها «المشاغبين» ثم «العيال كبرت»، والغريب أن سعيد لم يشارك أحمد زكى البطولة فى أى فيلم سينمائى، وهو فى الحقيقة لم ينتظر شيئا من أحد، الغريب أن أكثر النجوم الشباب تحقيقا للإيرادات الآن وأقربهم إلى منهج أحمد زكى وهو محمد رمضان وسعيد صالح هو أول من قدمه فى فرقته المسرحية.


أنشأ سعيد فرقة مسرحية أدت لخسارته كل أمواله، ولم يكتف فقط بالتمثيل بل غنى ولحن وهو غير مؤهل على الأقل للتلحين، سعيد صالح حدث له فى مطلع التسعينيات نوع من التماهى مع الملحن سيد درويش، ورشح بالفعل لأداء قصة حياته فى مسلسل تليفزيونى لم يرَ النور، ولكن ظلت روح سعيد ترنو إلى خالد الذكر الشيخ سيد، وفى مرحلة ما حدث توحد وألحانه ورغم بدائيتها المفرطة فإن سعيد كان يعتقد أنه يُكمل من خلالها ما بدأه درويش.


بدد سعيد طاقته فى العديد من المسرحيات والأفلام المتواضعة، ولو عقدت مقارنة ستكتشف أن رصيد عادل المسرحى بعد أن عرف البطولة المطلقة مع «شاهد ماشافش حاجة» لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، بينما سعيد لديه 300 مسرحية، وفى السينما رصيد سعيد يصل إلى 500، قرابة خمسة أضعاف رفيق المشوار ولكن أغلبها من الصعب أن يمكث فى الذاكرة.


ورغم ذلك فإن لديه فى وجداننا بصمة لا تُمحى، سعيد هو التلقائى ابن البلد الذى لم يضبط يوما وهو يبحث عن رضاء حاكم، ولم يسعَ لتكوين شلة إعلامية تحقق له صورة ذهنية مثالية عند الجماهير، وتحيل هزائمه إلى انتصارات، سعيد هو فقط سعيد بشطحاته وجنونه. وصعدت روحه إلى بارئها بينما البيت المصرى يتابع للمرة المليون ويضحك للمرة المليون على مسرحياته التى تعود عرضها فى العيد «هالو شلبى» و«مدرسة المشاغبين» و«العيال كبرت»، رحل سعيد صالح وطعم ضحكاته ممزوجا فى مشاعرنا برائحة الفانيليا!!

التعليقات