ايجى ميديا

الخميس , 16 مايو 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

جمال فهمي يكتب: الحرية لأعداء الشعب.. «2»

-  
جمال فهمي

وعدت القراء فى المقال أمس أن أحكى اليوم حكاية طريفة أعتبرها أول صدام مبكر وقاس بين العبد لله وذلك الشعار ذائع الصيت الذى يُنسب للناصرية وكثير من فرق وتيارات اليسار عموما، ذلك القائل نصا: إن «الحرية.. كل الحرية للشعب، ولا حرية لأعداء الشعب».


فأما ملخص الحكاية فهو أننى فى أحد أيام سنوات الجامعة ذهبت (داعيا نفسى غالبا) إلى ندوة أو اجتماع سياسى فى أحد أحزاب أو «منابر» هذا الزمان (نهاية النصف الثانى من سبعينيات القرن الماضى)، ولسبب ما كان يملؤنى يقين بأننى سوف أشارك فى الحفل بكلمة سألقيها فى الحضور، باعتبارى ممثلا شرعيا وحيدا لطلاب نادى الفكر الناصرى بجامعة القاهرة، لكن ما حدث أن محاولاتى «التى لم تخل من زَنّ وغتاتة» مع منظمى الاحتفال لكى يدرجونى فى قائمة المبشرين بإلقاء الكلمات، باءت كلها بفشل ذريع.. وانتهى الحفل بينما أنا الوحيد الذى طلب الكلمة ولم يتحدث.


ما زلت أذكر أننى لم أدَع هذه الواقعة تمر مرور الكرام بل أبديت فورا قدرا صاخبا من التعبير عن الغيظ والاعتراض، وربما رطنت وبعبعت لحظتها ببعض العبارات الثقيلة الفخمة ورميت هؤلاء الذين حرمونى حق الكلام بالنفاق والرجعية وانعدام الروح الديمقراطية التى يتشدقون بها بمناسبة ومن دون مناسبة، غير أن منظمى الحفل هم أيضا لم يكبروا أو يتعففوا عن الرد على هلفطات شاب صغير غاضب، بل إن أحدهم اندفع نحوى كوحش مفترس وراح يجذبنى من يدى بعنف، وهو يهتف فى وجهى بفظاظة قائلا: «وانت مالك انت واللى زيك بالديمقراطية.. إنت يا ابنى مش من بتوع عبد الناصر اللى قال: لا حرية لأعداء الشعب.. طيب، إحنا بقى شايفينك من أعداء الشعب دول.. اتكل على الله وامشى من هنا أحسن لك!».


والحقيقة فإننى الآن لا بد أن أعترف بأن تلك الحادثة، على طرافتها، وكلمات هذا الـ«أحدهم» على ابتذالها وسوقيتها، كان لها وقْع خاص فى رأسى، وأظنها أسهمت بشكل ما فى هزّ وزلزلة منظومة التبرير التى كانت تحاصرنى فى الوسط الطلابى الناصرى آنذاك، لهذا كان ذلك الشعار الذى عيّرنى به الرجل هو أول مقولة منسوبة للمرحلة الناصرية (لست متأكدا من صحة هذا النسب) أقرر بينى وبين نفسى وبشكل قاطع وصارم، عدم اقتناعى بها وعدم التزامى بمضمونها.


لقد بقيت فترة طويلة أتحايل على صعوبة الجهر علنا بقناعتى الجديدة تلك، خصوصا فى أوساط زملائى الناصريين (خصوصا خارج جامعة القاهرة) عن طريق الاكتفاء بذكر الشطر الأول من الشعار آنف الذكر، أى «الحرية، كل الحرية للشعب»، ثم أصمت بعد ذلك مسقطا عمدا حكاية «ولا حرية لأعداء الشعب».


حدث هذا كله قبل أن يكتمل وعى كاتب هذه السطور بأن «الحرية» لا يمكن تعليقها على شرط مهما كان، لأن ذلك ببساطة يستدعى فورا من يعين نفسه ويقيم من معتقداته وأفكاره، بل ومصالحه (مشروعة أو غير مشروعة) معيارا لمدى توافر هذا الشرط فى عباد الله الذين جُبلوا على التنوع والتعدد والاختلاف فى الأفكار والمعتقدات والمذاهب والمصالح أيضا، ومن ثم فإن فتح الباب للنواهى والشروط التى تحدد من هو الجدير بالحرية، ومن الذى يتعين حرمانه منها، يلغى إلغاء تاما وناجزا أى معنى للحرية، لأنه باختصار، يلغى التنوع الذى هو من سنن الخلق وناموس من نواميس الحياة.


أما لماذا كل هذه الحكاية، وما مناسبتها؟ أبدا أنا أُذَكّر نفسى والناس فحسب بأننا يجب أن نتحمل تصرفات ومواقف وآراء وغباوات كثيرة، لأنه باختصار وبساطة، هكذا هى الحرية وتلك هى شروطها وأهمها الإفساح فى المجال لتنوع البشر الطبيعى ما بين أخيار وأشرار، وعاديين ومشوهين، وأغبياء وأذكياء، وأصحاب آراء صائبة أو خائبة وتافهة جدا.


وصباح الخير يا وطن.

التعليقات