منذ بدايتها فى مسلسل «امرأة من زمن الحب»، وحتى أحدث أعمالها «جوازة ميرى»، لم تخذل ياسمين عبد العزيز جمهورها يومًا، ولم تتراجع عن مستواها الفنى، أو تخلف وعدها بأن تكون أفضل، تجتهد وتدقق وتختار وتنتقى بمنتهى العناية أفكار أفلامها والشخصيات التى تقدمها، تحاول تطوير نفسها يوما بعد يوم، شكلاً وأداءً ومضمونًا، لأنها تدرك جيدا أن تذكرة السينما التى يدفعها الجمهور البسيط والعائلات المصرية لا بد أن تقابل بالاحترام والتقدير، كما فعل الجمهور الذى نزل وبذل مجهودا من أجل أن يرى فيلمها.
ياسمين هى الوحيدة تقريبا من بنات جيلها التى تنتصر لسينما المرأة والأسرة، وتقدم أعمالا تحمل قضية فى شكل كوميدى «لايت»، فاستحقت أن تكون نجمة شباك لها جمهورها الحريص على متابعة أفلامها، وتميزت بأنها الممثلة الشابة الوحيدة التى تحتكر لقب (نجمة الإيرادات والشباك).
وفى حوارها مع «الدستور الأصلي»، تحدثت ياسمين عن فيلمها الجديد وتعاونها مع المنتج أحمد السبكى والمخرج وائل إحسان، وعن كيفيه اختيار أفكار أفلامها وحفاظها على لقب نجمة الشباك الوحيدة، والمنافسة مع أفلام النجوم، ومشروعاتها الفنية، ونيتها التعاون مع نجوم كبار فى بطولات مشتركة فى الأعمال القادمة.
■ كيف جاءت فكرة فيلمك الجديد «جوازة ميرى»؟ ولماذا ابتعدت نحو عام ونصف منذ عرض فيلمك الأخير «الآنسة مامى»؟
- بعد عرض فيلم «الآنسة مامى» والنجاح الذى حققه، قررت التعاون مع نفس فريق العمل، المخرج وائل إحسان والمؤلف خالد خلال، وفكرنا فى فيلم «جوازة ميرى»، وكنت أنوى التصوير منذ العام الماضى، لكن ظروف البلد السياسية والاضطرابات المتلاحقة جعلتنى أفكر كثيرا وأؤجل كل شىء لحين استقرار الأمور، فقد شهد عام 2013 مظاهرات ضد الإخوان، ثم ثورة 30 يونيو وما أعقبها من اضطرابات وعدم استقرار، كل هذه الأسباب جعلتنى أتراجع، فالجمهور لم يكون مؤهلا لمشاهدة السينما وسط كل هذه الأحداث، وطرح أى فيلم كان مجازفة كبيرة، وحتى فكرة النزول للتصوير لم تكن فكرة آمنة وسط هذه الأجواء.
■ تداول البعض أن فكرة الفيلم تدور حول العنوسة وأزمة الزواج؟
- لا بالعكس، بطلة الفيلم «بيرى السلامونى» تبدأ رحلتها مع الفيلم بقصة عاطفية وهناك رجلان يتصارعان على الزواج بها، وليست القصة عن العنوسة، وربما تكهنات البعض قبل بدء الفيلم ذهبت فى سكة خاطئة، لكن برومو الفيلم وضح أنها فتاة بين رجلين، واسم الفيلم «جوازة ميرى» لا يوحى بالعنوسة على الإطلاق.
■ تتعاونين للمرة الثانية على التوالى مع المخرج وائل إحسان والمؤلف خالد جلال وأحمد السبكى، فما السبب؟
- تعاونت منذ سنوات مع وائل فى فيلم «زكى شان» وهو مخرج مميز جدا، وبعد أن قدمنا معا «الآنسة مامى»، وجدت أننا نمتلك تفاهمًا يجمعنا فى التصوير، كما أنه مخرج له طعم كوميدى مختلف وسكة متميزة يفرضها على الفيلم ومتمكن من كل أدواته، لذلك لم أجد أى مانع فى التعاون معه مرة أخرى، والأمر نفسه بالنسبة إلى خالد جلال، فقد تعاونا أكثر من مرة، وهو مؤلف جيد جدا ويرسم الشخصيات بعمق ويقدم كوميديا راقية، أما السبكى فهو منتج مريح وسخى ويقدم للفيلم ما يحتاج إليه من أدوات وامكانيات لذلك كررت التعاون معه.
■ ما أصعب المشاهد التى تم تصويرها بالفيلم وكواليسه؟
- كواليس الفيلم كانت رائعة، وكلنا متعاونون ومتحابون لأعلى درجة، وقد بدأنا تصوير الفيلم بالمشاهد الصعبة وهى مشاهد الأكشن، وقمت بها أنا وحسن الرداد وكريم محمود عبد العزيز، وكانت صعبة جدا وتعرضنا لكثير من الإصابات، لكنها مشاهد ماستر سين، وكان لا بد من تصويرها بالكامل، وأراهن على كريم وحسن، فالفيلم سيكون نقلة مهمة لهما فقد ظهرا بشكل جديد ورائع جدا.
■ ألا تجدين مشاهد الأكشن مهمة صعبة على الممثلة المرأة التى غالبا ما تريد الظهور فى شكل النجمة الأنثى؟
- بالعكس أنا أحب مشاهد الأكشن جدا، وأتمنى فى وقت ما عمل فيلم أكشن كامل بشرط وجود موضوع يناسب الجمهور المصرى، ولا يوجد مصطلح ممثلة أنثى، فالممثلة يجب أن تؤدى كل الأدوار، وفى السينما العالمية أجمل النجمات تقوم بمشاهد أكشن ورعب ولا ينتقص ذلك من أنوثتها أو نجوميتها.
■ إذن لماذا لا يتقبل الجمهور المصرى هذه النوعية من أفلام الأكشن بالنسبة إلى الممثلات؟ ولا يُقبل المنتجون على مثل هذه النوعية للمرأة؟
- الأساس فى كل شىء هو الموضوع، وإذا وجدنا فكرة مناسبة ومقنعة تناسب الجمهور المصرى ولا تستهين بذكائه، فبالتأكيد سينجح الفيلم ولن يرفضه الجمهور، وبالنسبة إلىّ لم يرفض منتج أن أقدم نوعية أفلام مثل هذه، ولا أعتقد أنه سيرفض إذا توفرت فكرة جيدة وإمكانيات جيدة، وكانت الممثلة مقنعة فى الدور، وأنا شخصيا سأقوم بمثل هذه النوعية لكن فى الوقت المناسب.
■ أنت النجمة الوحيدة المحافظة على الخط الكوميدى فى كل أفلامك، رغم اقتصاره على الرجال طوال تاريخ السينما.. ما رأيك فى هذا؟
- أرفض أن يكون أى نوع من السينما حكرا على الرجال، فالسينما فن والفن متاح للجميع، والشعب المصرى رجالا ونساء ذو طبيعة مرحة ودمهم خفيف، ولهذا لا أجد الكوميديا لونًا فنيًّا من حق الرجال فقط تقديمه، كما لا تتعارض مع أنوثة النجمة، والكوميديا مهمة صعبة وخفة الدم مطلوبة.
■ لماذا تصرين على تقديم الكوميديا فى كل أفلامك، لدرجة أن البعض يصفك بنجمة الأفلام «اللايت»؟
- أفتخر جدا بتقديم أفلام كوميدية، والسينما اللايت نوع موجود فى السينما العالمية ويحظى بنجاح كبير، فالسينما فى الخارج تقدم كل الأنواع.. الأكشن والرعب والتاريخى والاجتماعى واللايت أو أفلام العائلة، ويتميز فيها نجوم كبار جدا، وهى أنواع راقية تجمع الأسرة حولها، وأعتز جدا بكونى مميزة جدا فى الخط الكوميدى، وهذه المنطقة هى «الحتة والسكة بتاعتى»، وللعلم التراجيدى والرومانسى أسهل بكثير من الكوميدى، فإضحاك الناس مهمة شديدة الصعوبة.
■ هل تصرين على الكوميديا بسبب احتياج المجتمع إلى الترفيه والخروج من الحالة النفسية السيئة التى سببتها الاضطرابات السياسية؟
- السينما فى الأساس فن ترفيهى ومهمتها الأساسية إسعاد الناس، وأن يدخل المشاهد الفيلم ويدفع ثمن تذكرة ويبذل مجهودا ثم يخرج سعيدا أو «موده حلو» وغير نادم على النزول للسينما، وأعتقد أن الشعب المصرى فى أمسّ الحاجة إلى الترفيه ليخرج من أجواء التوتر والقلق والاضطرابات النفسية والآلام التى تعرض لها على مدار سنوات، من حقه أن يدخل السينما ليفصل عن هذا العالم الملىء بالتوتر والألم والدم على شاشات التليفزيون وصفحات الجرائد، والسينما وظيفتها أن تسعد المشاهد، وأنا شخصيا أرى إسعاد الناس «مهمة وطنية».
■ هل أنت على استعداد لتقديم فيلم سياسى؟
- نعم، أتمنى تقديم فيلم سياسى إذا توفر الموضوع المتكامل الشيق الذى يضيف للجمهور ولا يمثل عبئا عليه، ولكن سأختار الوقت المناسب لمثل هذه النوعية من الأعمال، فحاليا الوضع لا يسمح على الإطلاق بتقديم جرعة سياسية تضاف لأعباء ومتاعب الناس، ويكفينا الترفيه لحين استقرار الأمور.
■ يقال إنك النجمة الوحيدة التى تحتفظ بلقب «نجمة الشباك»، حيث تحقق أفلامك إيرادات، فماذا يعنى لك هذا اللقب والإيرادات؟
- كونى حققت لقب نجمة شباك أو اسمى وأفلامى تحقق إيرادات فهذا فضل من الله، والنجاح هبة كبيرة وتوفيق من الله ويأتى نتيجة تعب ومجهود جماعى، وليس فرديا، فكل أفلامى بها أشخاص تعبوا كثيرا حتى تنجح الأفلام وتحقق هذا النجاح ومافيش حد بينجح لوحده.
وبالنسبة إلى الإيرادات فأراها المقياس الحقيقى لنجاح الفيلم، فمعنى أن الفيلم حقق إيرادات عالية أنه متميز وناجح، وطبعا الإيرادات تهمنى جدا وأراها المعيار الأول والمقياس الأهم للنجاح، ولكن هناك بعض الأفلام الضعيفة التى تعتمد على توليفة تجارية بحتة، مكونة من راقصة وإفيه ومطرب، تساهم فى فى ارتفاع الإيرادات لكنها ليست مقياسًا للنجاح.
■ من أهم النجوم الذين تقصدينهم بقولك هذا؟
- الفنان عادل إمام أهم النجوم الذين تنطبق عليهم هذه القاعدة، فإيراداته عالية وثابتة، ونجاحه ما زال محافظا عليه مهما مرت موضات الأفلام والتقاليع، ولم يزحزح أحد الممثلين عادل إمام من مكانه.
■ وما القواعد التى تتبعينها للثبات على النجاح والإيرادات؟
- أهم شىء العمل بروح فريق متكامل، والتطوير من نفسى وأدائى وشكلى، واختيار موضوعات تمس الناس وتشبههم، فأنا لا أختار أعمالى بشكل عشوائى ويمكن القول بأنى أعمل دراسة للسوق ونفسية المشاهد، وبناء عليها اختار الموضوع الذى يتناسب مع الناس فى كل فترة، ثم أجتهد كثيرا حتى أخرج أفضل ما لدىّ.
وكنت أمثل مع نجوم وأفاجأ بأنهم قصوا مشاهدى ليظهر النجم وحده، وكذلك حجم صورتى على الأفيش كنت أفاجأ بمهازل كلها تصب لصالح النجم، ولأنى جربت الظلم ومرارته فقد حرمته على نفسى، وعندما رزقنى الله بنجومية أو قوة فى السوق واسم جيد لم أظلم أحدا، بالعكس أحب أن يأخذ كل ممثل حقه وأسعى لظهور الفنان الذى يقف أمامى فى أفضل صورة، لأن اجتهاد الجميع وخروجهم فى شكل جيد ينصب فى صالح العمل ككل.
وأتقى الله أيضًا فى دورى ومشاهدى فلن يجد أحد لقطة مسفة أو لفظا خادشا أو مشهدا خارجا يجرح الأسرة المصرية كلها من كبيرها لصغيرها.
■ تقدمين قضية نسائية أو اجتماعية فى كل أفلامك ويقال إنك تستوحين هذه الأفكار من الشارع ومن حالات حقيقية.. فهل هذا صحيح؟
- أنا امرأة وأم وسيدة مصرية عادية قبل أن أكون ممثلة، لدىّ أفكار ومشكلات وقضايا أحب التعبير عنها، لأنى أشعر بغيرى، وفعلا هناك أفكار بعض الأفلام رأيت ما يشبهها فى الواقع، فأنا أدرس السوق وأفهم متطلباتها وأعرف القضية الملحة فى الوقت الحالى، وأحب أن أعبر عنها بشكل كوميدى وخفيف وأجد لها حلا.
فمثلا فى «الدادة دودى» عبرت عن أزمة وجود الدادات أو جليسات الأطفال وخطرهن، وفى «الآنسة مامى» عبرت عن رفض كثير من الفتيات الزواج خوفا من البهدلة والمسؤوليات.
■ تحققين النجاح بمفردك، هل هذا كاف بالنسبة إليك أم يمكن أن تتشاركى البطولة مع نجم كبير؟ خصوصًا أنك لم تقدمى بطولة مشتركة منذ فيلم «الرهينة» مع أحمد عز؟
- بالعكس أنا لا أكتفى بالبطولة المطلقة، أو أن اسمى يحمل الفيلم فى السوق كما يقولون، وأتمنى أن أخوض تجربة سينمائية مع نجم كبير قريبا، وأن يوجد موضوع يسمح بذلك، ويعدل فى الأدوار ليكون الدوران فى حالة ندية، وأنتظر عملا مثل هذا، لكن للأسف دائما ما يظلم المؤلفون المرأة فى السينما ويكتبون الأدوار والبطولات للرجال، وإذا وجدت المرأة يكون دورها صغيرا، ولذلك أحرص أن يكون لدىّ فكرة تكتب لى وأتابعها حتى ينتهى السيناريو بالكامل حتى أبدأ التنفيذ، لأن الموجود فى السوق من أعمال معظمه للرجال النجوم والممثلة المرأة حقها مهدر.
■ وماذا عن المشاركة مع نجمة فى مثل حجمك هل يمكن أن تقبلى العمل فى عمل يحمل أكثر من نجمة؟
- سأفاجئ الجميع إذا قلت إنى أخطط بالفعل لعمل بطولة مع ممثلة نجمة وأتشارك معها فى البطولة، بل ويمكن أن يكون هناك أكثر من نجمة فى الفيلم، وقد تحدثت مع إحدى النجمات وطلبت منها أن نشارك فى بطولة مشتركة، ونحن فى انتظار موضوع يجمعنا بشكل جيد وحين نجد الموضوع سنعلن عن التفاصيل فورا.
■ وما تقييمك حاليا لأحوال السينما؟ وهل هى فى طريقها إلى النهوض بعد الأزمات المتلاحقة التى تعرضت لها مؤخرا؟
- بالتأكيد نحن الآن أفضل مما سبق وبدأت السينما تنهض من كبوتها بعد بدء استقرار الأمور على كل المستويات، وأعتقد أن السينما تتجاوز محنتها بدليل طرح أفلام ضخمة فى عيد الفطر، وأتمنى أن تنجح وينتعش الحال حتى يضخ المنتجون أموالا جديدة فى السينما التى هى صناعة تفتح آلاف البيوت وتعول أسرا كثيرة، بدءا من الفنيين والعمال والممثلين وحتى عمال دور العرض والبائعين الذين يجنون رواتبهم من رواد السينما.