الموسيقى والغناء فى دراما رمضان، تمثل خطا من الإبداع يسير بالتوازى مع عناصرها الأخرى، مثل الكتابة والإخراج والتمثيل، وباقى فنونها التى تعتمد على العين فى فك شفرات الجمال فيها، حيث زينت الموسيقى والأغانى تيترات ومشاهد المسلسلات، وبعضها منحت له الموسيقى بعدا جديدا، والبعض الآخر سارت فيه الموسيقى بالتوازى مع باقى عناصره مكونة صورة شبه متكاملة، لتخلق الموسيقى حالة من الجذب تُضاف للعناصر الأخرى.
وانتهى موسم دراما رمضان تاركا خلفه تنوعا موسيقيا واضحا، وقف وراءه مبدعون معظمهم معروف، إلى جانب قادمين جدد شاركوا فى تفرد التيترات والموسيقى التصويرية بما قدموه.
وقالت الدكتورة ياسمين فراج، أستاذة النقد الموسيقى فى أكاديمية الفنون، إن الموسيقى من أبرز معالم موسم رمضان الدرامى، واصفة ما تم تقديمه بأنه متنوع، مضيفة أن أغنية تيتر مسلسل «السبع وصايا» والذى وضع ألحانه هشام نزيه يعتبر نزعة جديدة تمثلت فى المزج بين الشعر الصوفى بعربيته الفصحى الثقيلة ومعها لحن «روك»، وهو ما يطلق عليه النموذج ما بعد الحداثى، موضحة أن هناك تخفظات على اللحن، لأن اختياره على الكلمات الفصحى الغريبة على آذان البعض لم يخدم النص الشعرى، حيث تسبب اللحن فى إضعاف النص، لأن المستمعين لم يفهموا الكلمات، مشيرة إلى أنه رغم ذلك فهو تجربة جديدة و«حالة حلوة».
وموسيقى الأوركسترا كانت حاضرة أيضا من خلال الموسيقى التصويرية لمسلسل «دهشة»، وأوضحت أستاذة النقد الموسيقى، أن عمر خيرت يعتمد على الأوركسترا دائما فى مؤلفاته، ويعد هو الأكثر شهرة وجماهيرية بين من يعتمدون على هذا الشكل فى التأليف الموسيقى، مشيرة إلى أن ذلك يرجع إلى اعتماده بشكل أساسى على التيمة المصرية فى مؤلفاته على عكس الآخرين، الذين يعتمدون على نظيرتها الغربية، أو يكتفون فى بعض الأحيان بجملة شرقية فى اللحن، موضحة أن عمر خيرت يتميز بالتنويع فى المؤلف الواحد، وهو ما اتضح فى موسيقى تيتر «دهشة» الذى قُسمه إلى ثلاثة أفكار، الأولى اعتمدت على مقام النهاوند، وهو مقام غربى، والثانية اعتمدت على مقام البياتى، وهو مقام مصرى صريح، وانتهى فى الثالثة بالنهاوند.
وأضافت أستاذة النقد الموسيقى، أن الملحن أشرف محروس اعتمد على موسيقى الأوركسترا فى مسلسل «صديق العمر»، ومزج معها آلة شعبية هى الربابة، كما اعتمد لحنه على صيغة ثلاثية، الأولى اتسمت بالقوة لأنه استخدم من خلالها آلة «التمبانى»، التى تمنح شعورا بالخطر، إضافة إلى آلات النفخ النحاسية وآلة الكمان، التى امتد خطها إلى النوتة بأكملها، وكل هذه الآلات منحت شعورا بالقوة كتعبير عن المنظومة العسكرية التى خرج منها شخصيتا المسلسل الرئيسيتان عبد الناصر وعامر، مشيرة إلى أن الصيغة الثانية اتسمت بتيمة مصرية صعيدية، استخدم فيها الربابة والناى ليعبر عن شخصية عبد الحكيم عامر القادمة من الجنوب، بينما عاد فى الصيغة الثالثة إلى نفس الفكرة الأولى مع بعض التغيير فى الخاتمة.
وأوضحت فراج أن التيترات الغنائية مسيطرة منذ مطلع الألفية الثالثة، وأبرز ما يميز هذا العام هو ظهور الأصوات الغنائية الجديدة، خصوصا أن تيترات المسلسلات أكثر رواجا من الألبومات الغنائية، لافتة إلى أنه إذا أردنا أن نضع صوتا جديدا فى حيز الشهرة سيكون عن طريق غناء تيتر مسلسل، مضيفة أنه من خلال مسلسل «دلع بنات» برزت المطربة عزيزة فى أغنية التتر، أما مسلسل «جبل الحلال» فأبرز المطرب السعودى إبراهيم الحكمى، والذى احترف الغناء منذ عام 2004، لكنه لم يكن معروفا، مشيرة إلى أن تجربة تامر كروان من خلال مسلسل «سجن النسا» مميزة، لأنه وضع الغناء الشعبى ومنبعه السجينات أنفسهن كتيتر للمسلسل.
ورتبت أستاذة النقد الموسيقى، أغنيات تيترات المسلسلات من حيث الأفضلية بالنسبة لها، حيث أتى فى المقدمة مسلسل «جبل الحلال»، و«السبع وصايا»، و«دلع بنات»، وبالنسبة للموسيقى التصويرية جاء مسلسل «دهشة»، و«صديق العمر»، و«سجن النسا»، لافتة إلى أن موسيقى مسلسل «الصياد»، التى وزعها محمد الحلوانى تأثرت بالموسيقى التصويرية لفيلم «Gravity»، لافتة إلى أن الحلوانى سيكون له شأن فى الفترة المقبلة