كان ظهورها لأول مرة ليلة اكتمال البدر 14 رمضان، فكانت هى قمر أضاء البيت المصرى والعربى عندما أطل علينا من «سجن النسا»، أتحدث عن روبى.
المسلسل يمزج بين ميلودراما حسن الإمام وواقعية صلاح أبو سيف، فكان له كل هذا الحضور الشعبى الذى يقف على تخوم التجارية، بتلك الأحداث الصاخبة التى تُرضى بانقلابها الدرامى من النقيض للنقيض ذائقة قطاع وافر من المشاهدين إلا أنها فى نفس اللحظة تملك أن تنفذ إلى مشاعرنا.
لم تكن مفاجأة بالنسبة إلىّ أن أرى الموهوبة اللهلوبة روبى فى حالة تألق، فهى معجونة بالقدرة على التشكيل النفسى والأدائى، أرض بكر لمن يريد أن يكتشف، إلا أن أكبر خطر يواجه روبى أنها متخصصة أيضا فى تدمير الموهبة، ولك أن تعلم أن مشوارها 14 عاما حصاده القليل من النجاح والكثير من الإخفاق.
ما استوقف المخرجة كاملة أبو ذكرى فى اختيارها دور «رضا» هو الوجه الأسمر المنتمى إلى الصعيد والمنحوت بمصرية قُح، تجد البؤس قرينا بالإباء، ينضح النقاء على مشاعرها التى لم تخالطها ملوثات البيئة ولا يخلو الأمر من ومضات الذكاء والقدرة على التعلم والتقاط مفردات جديدة.
عندما أمسكت بالسبرتو وسكبته على الفتاة التى تعمل عندها كان فعلا إجراميا لا سماح فيه و لا مبرر له، لكن انظر إلى العلاقة بينهما، إنها قررت إذلالها وتهددها بالخروج من الجنة للعودة إلى نار الصعيد، ذاقت لأول مرة طعم الدنيا رغم أن والدها يستنزفها ماليا فهى تعمل لحساب هذا الأب الذى اعتبرها فقط حصالة يفتحها كل شهر، الفعل الإجرامى يستحق الشنق وارتدت الجلباب الأحمر انتظارا لحكم الإعدام، كان الحوار الذى كتبته مريم ناعوم بطلا، تعذبت فى الدنيا وتنتظر النار فى الآخرة، تطلب الرحمة وهى تشعر أن ذنبها سيودى بها لا محالة إلى النار، أداء تحلق به إلى أعلى درجات الإبداع مع مخرجة قادرة على أن تُشعل فنانيها فأبكتنا وهى تصعد إلى حبل المشنقة مع عشماوى، الذى رأيته لأول مرة رقيقا كنسمة، رحمة الله التى وسعت السماء والأرض فهل تضيق عن أحد عباده حتى ولو كان قاتلا.
التعاطف مع روبى فى رمضان رغم أنها سكبت السبرتو على فتاة بريئة، كان فى الحقيقة تعاطفا مع «رضا»، إلا أن رصيدها من الغضب كان ملازما لها طوال مشوارها، فلقد أثارت عاصفة من الاستهجان والاحتجاج بمجرد غنائها «ليه بيدارى كده» وكان اسمها الحركى فى الشارع مطربة العجلة مع مخرجها شريف صبرى الذى قدم نفسه للرأى العام ليس فقط باعتباره مخرجا لأغانيها، ولكنه صانع لموهبتها، هكذا اعتقدت هى أو اعتقد هو، أو هى وهو، كان يقيم سورا حولها وانطلقت بمعاييره وأفكاره، وقدمها بطلة فى فيلم «سبع ورقات كوتشينة» قبل عشر سنوات، وأتذكر أن الخوف المسبق من اسم روبى دفع الرقيب الراحل د.مدكور ثابت إلى تشكيل لجنة للموافقة على الفيلم رغم أنه لم يكن به أى مشاهد جريئة سوى اسم روبى، وحقق الفيلم فشلا ذريعا فلم يكن ينتمى بأى صلة قُربى أو نسب إلى فن السينما.
شاهدت قبلها بسنوات فيلم «سكوت ح نصور» 2001 ليوسف شاهين، وكتبت مقالا فى مجلة «روزاليوسف» عنوانه «سكوت ح نهرج»، حيث كان أسوأ أفلام يوسف شاهين باعترافه، استوقفنى وسط كل هذا التهريج الوجه الجديد روبى.
فى العام الماضى كانت ملفتة فى مسلسل «بدون ذكر أسماء» تأليف وحيد حامد وإخراج تامر محسن، وأظن أن وحيد وراء ترشيحها للدور مثلما سبق أن قدمها فى فيلمه «الوعد» إخراج محمد يس.
إنها واحدة ممن يتصدرون قائمة المحذورات مصريا وعربيا، حيث سبق أن وضعها نقيب الفنانين السوريين قبل 7 سنوات فى قائمة الممنوعات من الغناء فى سوريا مع هيفاء وإليسا وذلك للحفاظ على أمن المجتمع.
بقدر ما أرى أن روبى مشروع فنى قابل للتوهج فى كل لحظة، بقدر ما أرى أن تلك الموهبة وهذا الحضور الطاغى قابل أيضا للاحتراق مثل «السبرتو»!!