منذ أكثر من ثلاث سنوات، أطلق البعض، فى انفعال واندفاع، وحماس يُذهب العقل، على تلك المؤامرة الكبرى، التى تستهدف تدمير العالم العربى، وتقسيمه، وتمزيقه، وإشاعة الفوضى فيه، ونشر الإرهاب والتطرّف فى ربوعه، اسم «الربيع العربى».. ثم مرّت الأيام، وانقشعت غشاوة الحماس والاندفاع والانفعال، وتجلّت صورة الجحيم العربى واضحة، ولكن.. بعد أن استفحلت الأمور.. التطرّف، الذى يتحالف مع الشيطان باسم الدين، انتشر فى أرجاء العالم العربى، وأطلق على نفسه عدة أسماء وألقاب، يمكن أن تخدع أصحاب الفكر المحدود، وتغش الجهلاء والحمقى.. تماما مثلما يفعل تنظيم الإخوان، الذى يتلوّن كالحرباء، ويطلق على نفسه أسماء برّاقة، لا تشبه من قريب أو بعيد ما يدعو إليه.. الحرية والعدالة، والجدعنة والمفهومية، والأمل والعمل.. ولو أنه فى دولة فاسقة، لأطلق على نفسه اسم سيجارة وكاس.. المهم أن يخدع الكل، ليصل إلى أهدافه.. وكل الحركات التطرفية فى الجحيم العربى، ترى أن السلاح والوحشية والشراسة والعنف هى السبيل لقهر من حولهم، والانتصار فى حربهم، التى يخدعون الكل بأنها حرب فى سبيل الله، ثم يفعلون كل ما تفعله الشياطين.. التاريخ يروى لنا أمثلة شبيهة لهؤلاء الوحوش السفاحين القتلة، الذين لا يعرفون الرحمة.. فى دراسته حول التتار، وصفهم الدكتور راغب السرجانى بأنهم كانوا يمتازون بـ:
«1- سرعة انتشار رهيبة.
2- نظام محكم وترتيب عظيم.
3- أعداد هائلة من البشر.
4- تحمل ظروفا قاسية. 5- قيادة عسكرية بارعة.
6- أنهم بلا قلب! فكانت حروبهم حروب تخريب غير طبيعية.. فكان من السهل جدا أن ترى فى تاريخهم أنهم دخلوا مدينة كذا أو كذا، فدمروا كل المدينة وقتلوا سكانها جميعا.. لا يفرقون فى ذلك بين رجل وامرأة، ولا بين رضيع وشاب، ولا بين صغير وشيخ، ولا بين ظالم ومظلوم، ولا بين مدنى ومحارب! إبادة جماعية رهيبة، وطبائع دموية لا تصل إليها أشد الحيوانات شراسة.
7- رفض قبول الآخر.. والرغبة فى تطبيق مبدأ (القطب الواحد!).. فليس هناك طرح للتعامل مع دول أخرى محيطة.. والغريب أنهم كانوا يتظاهرون دائما بأنهم ما جاؤوا إلا ليقيموا الدين، ولينشروا العدل، وليخلصوا البلاد من الظالمين!
8- إنهم لا عهد لهم.. فلا أيسر عندهم من نقض العهود وإخلاف المواثيق.. لا يرقبون فى مؤمن إلاًّ ولا ذمة.. كانت هذه صفة أصيلة لازمة لهم، لم يتخلوا عنها فى أى مرحلة من مراحل دولتهم منذ قيامها وإلى أن سقطت».. ترى بمن يذّكرك هذا؟!.. المتطرفون الإرهابيون الحاليون، هم نسخة طبق الأصل من التتار، الذين انهزموا وفنوا فى النهاية، ولم يكتب لهم البقاء.. البقاء لا يكون أبدا للأكثر وحشية وقسوة وشيطانية.. البقاء للأكثر رحمة وصدقا وإنسانية.. راجعوا التاريخ، وسلوا أنفسكم.. لمن البقاء فى النهاية؟!.. لمن؟!