ايجى ميديا

السبت , 18 مايو 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

جمال فهمي يكتب: أين وكيف يكسر الغزَّاويون صيامهم؟!

-  
جمال فهمي

زميلى وصديقى التاريخى الكاتب الصحفى محمد حماد، حكى الأسبوع الماضى على صفحته فى «فيسبوك» حكاية طريفة استدعاها من مخزن ذكريات أيام الصبا الباكر، وقد كنت أنا وهو بطليها بغير شريك.. ولأن الزمن على ما يبدو أوهنَ وأضعفَ ذاكرة صديقى كما ضعضع ذاكرة العبد لله، فقد أتى سرده للحكاية غائما ومشوشا ومختلطا بتفاصيل منزوعة من حكايات أخرى ربما لا تقل طرافة، مما جعلنى أتصل به، وفى نيتى أن يتوكأ كل منا على الآخر، لكى نستعيد الحكاية الأصلية من تحت ركام السنين الطويلة التى مرَّت فوق زمن البراءة السعيد والبعيد أيضا.


المهم نجحت أنا ومحمد فى لملمة شظايا الحكاية وتفاصيلها، التى ملخصها أن صديقا عزيزا جدا دعانا ذات مرة فى أحد أيام رمضان للإفطار معه فى بيت والده، الذى هو بيت كرم حاتمىّ حقًّا، ومن النوع الذى قالت عنه العرب إن «ناره لا تنطفئ أبدا»، ولا يغيب عنه اللحم عموما و«الكبدة» خصوصا، لأسباب لا مجال لشرحها الآن.


فى يوم العزومة الموعود التقينا أنا ومحمد، وتعمدنا الذهاب إلى موقف الأوتوبيسات الرئيسى فى حى الجيزة لكى نركب من أول الخط الباص الذاهب إلى شبرا، حيث يسكن الصديق الداعى، لعل وعسى نفوز بمقعدين خاليين، وقد فزنا بهما فعلا وانطلق الأوتوبيس يطوى الشوارع وينهب الطرقات، حتى وصلنا أخيرا ولم يكن قد تبقى على مدفع الإفطار سوى دقائق قليلة، كانت كافية لبلوغ منزل صاحبنا، وبينما كنا نصعد سلالمه كان صوت الشيخ محمد رفعت يصدح ويشنف مسامعنا بالأذان.. طرقنا باب الشقة طرقا خفيفا «لزوم الأدب»، وانتظرنا أن نرى صديقنا وهو يبتسم ابتسامته الرائقة ويلقى فى وجهينا بنكتة سخيفة سريعة يضحك عليها وحده كالعادة، بينما يقودنا إلى حيث تنتصب المائدة العامرة بشتى صنوف اللحم و«الكبدة».. غير أن الباب ظل مغلقا لحظات «أو ربما دقائق» طالت كدهر، مما اضطرنا إلى إعادة الطَّرْق بقوة وإلحاح أكبر، على أثره سمعنا وقع خطوات يكاد ترددها وتثاقلها يشى بمعناها الذى هو ببساطة: مَن ذلك السخيف عديم الدم الطارق على الباب الآن؟! ولدهشتنا فقد انفرج الباب ولكن الذى فتحه لم يكن صاحبنا بل أخته الكبرى، التى بدا على ملامحها خليط من دهشة وارتباك ينافس ارتباكنا، غير أنها غالبته بسرعة وندت عنها ابتسامة رائعة زيّنت محيّاها، كما لم تضيع سوى ثوان قليلة قبل أن تهتف: أهلا وسهلا اتفضلوا.


لم نتفضل وإنما غاص قلبانا فى رجلينا، وعربد الحرج والشك فى صدورنا، ولست أتذكر مَن منا الذى نطق وسألها بصوت متحشرج: فلان «صاحبنا» موجود؟ ونزلت الإجابة كالصاعقة علينا: لأ، راح يفطر عند أخيه الآن فى مصر الجديدة.. تفضلا، تفضلا.. طبعا لم نتفضل، ولكننا والحرج يكاد يقتلنا، هلفطنا بعبارات متلعثمة وأى كلام وهرولنا نازلين على السلم إلى الشارع الذى بدا مقفرا خاليا إلا من العبد لله ومحمد حماد.


ولست أريد أن أستطرد فى باقى تفاصيل الحكاية التى فاقم من طرافتها المأساوية أننا اكتشفنا أن مجموع ما كان فى حوزتنا من مال لا يكفى إلا لشراء تذكرتى أوتوبيس العودة، غير أن العناد والحرج وضيق الأفق الصبيانى منعنا من أن نعود إلى بيتى لنأكل ونسد جوع الصيام بدل التشرد والتسكع ساعات طويلة فى الشوارع المحيطة بمنزل صديقنا، الذى نسى أنه دعانا.. لقد بقينا متربصين له حتى لمحناه أخيرا يخطر آتيًا من بعيد، فاندفعنا صوبه وانفجرنا فى وجهه انفجارا هائلا أجبره فى النهاية على الاعتراف بالخطأ، ومصالحتنا بوجبة سحور فاخرة تألقت أكوام «الكبدة» بين أطباقها.


لماذا حكيت الآن تلك الحكاية القديمة؟ لكى أسأل السؤال المشعلق أعلى هذه السطور: أين وكيف يكسر أهلنا الصائمون فى غزة صيامهم هذه الأيام، بينما المحرقة الرهيبة الجديدة التى نصبها العدو على ما تبقى من الوطن المسروق، تنهب أرواح أطفالهم ونسائهم وشيوخهم، وتهدم وتدمر كل سبل الحياة «مجرد الحياة» ولا توفر شيئا من مظاهرها؟!


لاحول ولا قوة إلا بالله!

التعليقات