- رامي عبد الرازق: "جمعية التاريخ" الحل الأمثل لمواجهة الأخطاء والحفاظ على رؤية المبدع
- خيرية البشلاوي: على الدولة التصدي لمزيفي التاريخ.. وإنقاذ وعي الأجيال الجديدة
أبدى عدد كبير من النقاد الفنيين، تأييدهم لطرح وزير الثقافة، الدكتور جابر عصفور في تصريحاته لـ"صدى البلد"، بضرورة مواجهة الاخطاء التاريخية في الاعمال الدرامية، والتي كان ابرزها في مسلسلي "سرايا عابدين" و"صديق العمر".
وقال الناقد الفني، طارق الشناوى: إن مسلسل "سرايا عابدين " مليء بالأخطاء التاريخية؛ لأن لفظ الملك لم يكن يطلق إلا على الملك فؤاد، ولكننا نجد بين الحين والآخر يُطلق على الخديوي إسماعيل فى المسلسل لفظ الملك".
وأضاف "الشناوى" - فى تصريح لـ"صدى البلد" - "أن هناك مقدرة من جانب الممثلين على ضبط استخدام اللغة العامية فى الحوار، فالعامية أنواع فكان ينبغى استخدام لغة عامية فى الحوار تتبع الزمن نفسه الذى تجرى فيه أحداث المسلسل، ولا تكون عامية مما تتردد فى هذه الأيام، فالعامية تولد فيها كلمات كثيرة تبعًا للزمن الخاص بها".
وطالب الشناوي بضرورة التفرقة بين الابداع الفني المتجسد في خيال المؤلف وبين الوقائع التاريخية، فالخلط بينهام قد يفسد تاريخا كاملا لدولة؛ وهو ما يحدث في حلقات سرايا عابدين منذ الحلقة الاولى، فهناك مشاهدون يشكلون معلوماتهم عن تلك الحقبة التاريخية من خلال هذا العمل، وهو ما سيتسبب في كارثة.
وتعليقا على الاخطاء التاريخية في مسلسل صديق العمر قال: هناك هجوم على العمل بسبب الاخطاء التاريخية ولكنني ارى ان العمل به اخطاء فنية عديدة متجسدة في اداء جمال سليمان الذي لم يقنع المشاهد بتقديم شخصية جمال عبد الناصر، واعتقد ان الحل الامثل لمواجهة تكرار الاخطاء التاريخية هو الاستعانه بمؤرخين خلال كتابة تلك الاعمال، وأن تتبني أي جهة مؤسسة سواء وزارة الثقافة او الإعلام مراقبة ذلك.
ومن جانبه علق الناقد الفنى "الأمير أباظة"، على مناداة وزير الثقافة بوجود جهة معينة تقوم بتصحيح الأخطاء التاريخية الموجودة فى الأعمال الدارمية التاريخية"، من الممكن لأن يكون ذلك خاص بالرقابة على المصنفات الفنية، فأى نص يقدم ليحصل على تصريح من الرقابة تقوم بتحويله إلى لجنة تاريخية أو لمستشار تاريخي أو مؤرخ، بحيث يتم تدارك تلك الأخطاء التاريخية الموجودة، وبخاصة فى ظل وجود كثيرين يتعرضون وليس لها أى علاقة بالتاريخ، ومن ثم يكون هناك أزمة كما حدث فى مسلسل "سرايا عابدين" من الأخطاء التاريخية التى ظهرت فيه".
وأضاف فى تصريح لـ"صدى البلد" "ففى الماضي كان من يتعرض لكتابة الأعمال التاريخية دارسًا للتاريخ مثل الكاتب "محفوظ عبد الرحمن"، فيكون حريصا على الدقة ولكن أن نأتى بكاتب عربي ليكتب عن تاريخ مصر فى فترة حكم الخديوي إسماعيل ممثلاً فى مسلسل " سراياعابدين " أكيد ستحدث كوارث ومأساة كما شاهدنا".
وتابع: يوجد بعض الشباب والعامة يشاهد تلك الأعمال على إنها تاريخ حقيقي ورواية للتاريخ، ومن ثم يسيء ذلك لشخصيات تاريخية من الممكن أن تكون قد قامت بدور وطنى كبير جدًا لمن يشوه صورتها".
واستطرد: "فحتى جزء الخيال فى تلك الأعمال يجب أن يدور فى النسق التاريخي للعمل نفسه ولا يخرج عنه، ولكن أن يظهر الخديوي إسماعيل بأنه اتخذ قرارا فى لحظة ما فإذا لم يكن قرارا حقيقيًا فلا يجب أن يقدم للجماهير".
واختتم حديثه قائلا: فالأمر يتطلب تدخلا حقيقيا ووقفة قوية من الرقابة أو من المجلس الوطنى للإعلام الذى سيتم تشكيله خلال المرحلة القادمة".
واتفق الناقد الفني رامي عبد الرازق مع طرح د. جابر عصفور وزير الثقافة بضرورة وجود جهة معنية بالمراجعة والمراقبة التاريخية للأعمال الدرامية التي تتناول احداثا تاريخية.
وقال رامي: "بالفعل نحن في حاجة ماسة الى وجود جهة تتولى ذلك الدور، وأعتقد ان هناك جهة منوطه بذلك إلا ان دورها لم يفعل حتى الان وهي "الجمعية التاريخية" والتي يرأسها الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن وتضم في عضويتها نخبة من المؤرخين والادباء والكتاب".
وأضاف "هذه الجمعية تجمع بين شقين مهمين جدا وهو القدرة على المراجعة التاريخية وتصحيح أي اخطاء تاريخية ترد في الاعمال الدرامية المعروضة عليها، بالإضافة الى تمتع أعضائها بالحس الفني والبعد الدرامي في تناولهم للاعمال الفنية خاصة، وان أي عمل فني تاريخي له بعد معلوماتي وبعد اخر فني يتعلق برؤية المؤلف من خلال اضافة شخصو ثانوية من وحي خيالة لكنها لاتؤثر على السياق التاريخي للعمل".
ويضرب رامي عبد الرازق مثالا لذلك مسلسل "بوابة الحلواني" والذي تناول مرحلة مهمة من تاريخ مصر دون ان يخل بسياقها التاريخي كما انه لم يخل من بصمات الكاتب الدرامية والفانتازية والتي اثرت العمل بشخوص مثل شخصية "اشرقت" التي تم خلقها في سياق الدراما بشكل متناغم ومبرر دون اي اضرار بالسياق التاريخي للاحداث.
ويؤكد رامي عبد الرازق أن وجود جهة تتولى التدقيق التاريخي لجميع الاعمال لا يعد نوعا من الرقابة على الابداع ولكنه حرص على وعي الاجيال القادمة بالتاريخ خاصة وان الاعمال الدرامية تعيش لسنوات طويلة وقد تاتي اجيال تستقي معلوماتها التاريخية من تلك الاعمال فنفاجأ أن كل ماتلقوه من معلومات تاريخية مغلوط وخارج السياق الحقيقي للتاريخ .
ومن جانبها أيدت الناقدة خيرية البشلاوي وجود جهة منوط بها تصحيح ومراجعة الاحداث التاريخية في المسلسلات التاريخية قبل عرضها على الشاشة وذلك حفاظا على الحقائق المرتبطة بتاريخ الامة .
وإنتقدت خيرية البشلاوى الأخطاء التاريخية التى تظهر فى الأعمال التاريخية الدرامية وقالت " الشعب المصري 60% منه يعانى الأمية والباقي يعانى الأمية الثقافية فلابد أن يكون هناك نوع من الرقابة على كل المعلومات التاريخية التى تظهر للجمهور الذى يستقبلها بما إنها صورت وفيها ممثلين وصرف عليها كما لو كانت حقيقية وهى فى الواقع مزيفة ومغرضة ".
واضافت فى تصريح لـ "صدى البلد " " فيجب أن نتصدى تمامًا لصناع الزيف التاريخي والإجتماعى الذى يمارس ضدنا لأنهم لا يقومون بذلك ببراءة ولكن عن قصد وعمد فأعتبر إن المسلسلات التى فيها أخطاء تاريخية وقدمت هذا العام مثل الأسلحة الفاسدة عام 48 ولكن لا توجه للصدور بل للعقول وللذاكرة الجماعية".
وتابعت: "فأدين بشدة رؤوس الأموال التى دعفت لتمويل تلك الأعمال فهى كلها مغرضة وقذرة وفاسدة فالغرض منها تزييف التاريخ والمجتمع والشخصية المصرية وخلق صورة ذهنية مزيفة عن مصر وعن الشخصية المصرية وخلق صورة مزيفة وقذرة عن المرأة المصرية فالمرأة المصرية ليست التى تظهر فى المسلسلات من الدعارة والسجن وغير ذلك".
بينما أكد الناقد الفنى " إمام عمر " إن معظم الأعمال التاريخية التى تعرض حاليًا فيها بعض الأخطاء التاريخية التي تعتبر كارثة تهدد وعي الاجيال القادمة .
وأضاف عمر فى تصريح لـ "صدى البلد " : الازمة سببها المؤلفون الجدد الذين يخلطون بين الابداع الفني والتوثيق التاريخي بشكل بعيد عن الدقة وذلك عكس مؤلفن إثنين فقط هما " وحيد حامد " حينما بدأ يكتب عن تاريخ "الجماعة" حيث عاد لأكثر من مرجع تاريخي, وكذلك الكاتب محفوظ عبد الرحمن الذي يعد مثالا يحتذى به في كتابة الدراما التاريخية ، ولكن الإستسهال فى تأليف في كتابة الاعمال التاريخية أصبح كارثة .
وتساءل إمام عمر : لماذا نجعل الجيل الجديد يقتنع بتلك الأخطاء ؟ فحينما بدأوا يتحدثون عن تاريخ الفنانة " تحية كاريوكا " طالبت بعدم عرض المسلسل لأنه غير صحيح تاريخيًا فقد سجلت معى قبل وفاتها وهى فى مستشفي المعادى شريط كاسيت مدته ساعة ونصف حكت فيه تاريخ حياتها وسلمته لمنتج المسلسل ولكن لم يلتفت احد ، والأن الوضع أخطر فنحن نعيد كتابة تاريخ وطن دون التدقيق في معلومات هذا التاريخ ، بل نزوره أيضا.
وعلق "عمر" على دعوة وزير الثقافة بوجود جهة معينة تقوم بتصحيح تلك الأعمال التاريخية قائلا: يجب أنتعرض كل المسلسللات التاريخية على الرقابة على المصنفات الفنية، وان كان الامر صعبا فاقترح أن يتولى المجلس القومي للاعلام المزمع تأسيسة هذه المهمة بأن يخصص لجنة تاريخية تراجع الاعمال الفنية قبل عرضها.
