يكشف جريمة ذبح الضباط فى واقع موازٍ غير حقيقى
يقوم مسلسل «الصياد» على التشويق البوليسى الذى يهدف جذب المشاهد لمتابعته لمعرفة نهاية الحكاية وفك ألغازها، والتركيز فى أدق التفاصيل لربط الخيوط ببعضها.
المسلسل يأخذ المشاهد من أول حلقة، ولا يدع له الفرصة لتمرير مشهد واحد منه، وإلا تضيع حلقات السلسلة التى تنفرط يومًا بعد يوم، خصوصا أن صنّاع المسلسل فاجؤوا المشاهدين بالتحول إلى النقيض التام فى مشاعرهم من التعاطف والاندماج والشعور بالمأساة التى يعانى منها بطل العمل، إلى اكتشافهم أنه مجرم وقاتل لا يستهان به، ولا يجب مسامحته على جريمته، مهما كان مبرره فى ذلك.
تدور أحداث مسلسل «الصياد» حول سيف عبد الرحمن، ضابط يفقد بصره جراء رفضه العمل مع تجار السلاح مثل باقى زملائه، مما يجعلهم ينتقمون منه بذبح زوجته وابنته فى شقته، فى مشهد قاس تم عرضه فى الحلقات الأولى من العمل، وهو ما يدفع سيف إلى الانتقام من القتلة، فيدعى أنه ضرير ليتقاعد عن العمل ويبحث بطريقته عن التجار والضباط، الذين يتعاونون معهم ليقتلهم بنفس طريقة قتل أسرته، ولكن دون أن يعلم أحد أنه هو «الصياد»، حتى إن إحدى الجهات الأمنية تطلب مساعدته فى القبض على الصياد، ويرفض فى البداية حتى يضطر إلى الموافقة ليتعرف على كل خطواتهم التى يرشدهم إليها.
«الدستور الاصلي » تحدث مع صنّاع المسلسل حول فكرته، وتفاصيل الشخصيات الرئيسية فيه، والصعوبات التى واجهتهم فى أثناء التصوير، وردود الأفعال التى نالها العمل، والإسقاطات التى يحملها العمل على ضباط الداخلية الفاسدين، وكذلك الانتقادات التى وجهت إليه بأنه مقتبس من أعمال أجنبية.
يوسف الشريف: لا أشترط البطولة المطلقة فى أعمالى
الفنان يوسف الشريف استطاع خلال سنوات قليلة أن يجد لنفسه مكانا وسط النجوم الشبان فى الدراما التليفزيونية، حيث يغلب على أعماله الطابع التشويقى.
يوسف الشريف تحدث لـ«الدستور الاصلي » حول مسلسل «الصياد»، واختياره هذه الفكرة ودور الضابط الضرير، الذى يجسده ضمن أحداث المسلسل، وكذلك حول ما إذا كان يشترط أن يكون مسلسله بطولة مطلقة ينفرد بها وحده.
فى البداية قال الشريف إن العمل فكرته ضمن مجموعة أفكار درامية ترد إلى ذهنه، لكن هناك تفاصيل كثيرة أضافها المؤلف عمرو سمير عاطف، منها أن يكون الضابط سيف ضريرا، أو بمعنى أصح يمثل على المحيطين به أنه أعمى لأسباب تكشفها حلقات المسلسل.
وحول أصداء العمل، قال الشريف «أنا مخضوض من ردود الأفعال الإيجابية نحو العمل، لكن أكثر ما يقلقنى وجود تعلّق شديد من جانب المشاهدين بشخصية سيف، لكننى أرغب فى الإشارة إلى رسالة العمل، حيث القاتل مجرم أيا كانت وظيفته، وأيا كان مبرره، وسيف هنا مجرم أيضا، رغم أنه وقع تحت أكبر اختبار ومحنة قد يتعرض لها الإنسان، وهى ذبح زوجته وابنته بسبب رفضه العمل مع تجار السلاح، والفنان الشاب أعرب عن رغبته فى أن تصل هذه الرسالة كما هى إلى المشاهدين، وأن لا يفهموا أن جزءًا من العمل يطالب بالتعاطف أو التضامن مع سيف، لأنه فى النهاية مجرم، ويقتل الناس بطريقة بشعة، ويدفعه إلى ذلك استماعه إلى كلام الشيطان، لافتا إلى أنه تم توضيح هذا المعنى من خلال جملة حوارية قالتها الممثلة صفاء الطوخى، التى تقوم بدور الطبيبة النفسية، أو صوت الضمير لدى سيف، إذ قالت فى إحدى الحلقات: «وده دايما كلام الشيطان اللى بيقوله للى بيسمعوا كلامه».
الشريف قال إنه لم يحرص على أن يكون عمله من بطولته وحده، مشيرا إلى أن المسلسل يتطلب ممثلين مشاركين فى البطولة، وأدوارهم لا تقل أهمية عن دور سيف، ومنها دور الضابط طارق، ومشيرة المحامية، وشقيقته علياء، وصديقته حلا، وكذلك تاجر السلاح ناجى الخليلى، لافتا إلى أن البطولات لا يتم احتسابها بعدد المشاهد التى يقدمها الممثل فى العمل، إنما بمدى تأثير دوره فى الأحداث.
وعن حرق فكرة المسلسل واكتشاف المشاهدين أن سيف هو الصياد، الذى يقوم بذبح الضباط، قال الشريف: «رفضت أن يتم إخفاء هذه الحقيقة حتى الحلقة الثلاثين من العمل، لأنه لو تم ذلك لأصبح مثل مسلسل (رقم مجهول) الذى لم تتبين حقيقته سوى فى آخر حلقة، وبعد كشف حقيقة (الصياد) كان علينا البحث عن مزيد من الألغاز وإضافة شخصيات أخرى».
وحول ما تردد على أن العمل يكشف بعض الضباط الفاسدين فى الجهات الأمنية، قال بطل «الصياد»: «فى الدراما يمكن مغازلة الناس جيدا فى تقريب الموضوع من جزء يلمس مشاعرهم، وقد يحاول الفنان ادعاء الجرأة لكن مسلسل الصياد لا يتعامل مع الواقع فى مصر، وشهادتى فى ذلك ليست مجروحة، لأننى تعاملت قبل ذلك فى أعمال بها جانب كبير من الواقعية، مثل الإسقاطات التى وضعناها على المرشحين السياسيين فى مسلسل «اسم مؤقت»، وكذلك قضية القتل فى «المواطن إكس»، لكن «رقم مجهول» و«الصياد» غير واقعيين، لذا لم نطلق على الجهاز اسما معينا، والمقصود به جهة أمنية ما ولعبة سيف الضابط الضرير الذى يجتمع بقيادات أكبر منه ويحكى لهم عن التاريخ الإجرامى للصياد، هى درامية وسينمائية بحتة، لذا أرفض المتاجرة بنقطة معينة قد تلقى قبولا لدى المشاهد.
عمرو سمير عاطف: المسلسل غير مقتبس من أعمال أجنبية
كعادته يستطيع المؤلف عمرو سمير عاطف بقصصه الدرامية الفوز بلفت نظر وانتباه الجمهور لمتابعتها، والتركيز على أدق تفاصيلها، وعدم تمرير حلقة منها وإلا فقد المشاهد القدرة على ربط الأحداث ببعضها، ورغم كل الأصداء الإيجابية التى حققها «الصياد» حتى الآن، فإن البعض أكد أنه مقتبس من عدة أعمال أجنبية، ومنها مسلسل «The mentalist».
عمرو قال إن حماسه لفكرة المسلسل التى اقترحها عليه يوسف الشريف كانت سببًا فى قبوله الكتابة عنها خلال 7 أشهر، مشيرًا إلى أنه لم يكن يتوقع ردود الأفعال الواسعة التى استقبلت العمل منذ أول أيام عرضه، لافتًا إلى أنه حاول الإمساك جيدًا بخيوط العمل الأساسية، والشخصيات أيضًا للحفاظ على خط الغموض والتشويق، حتى لا يشعر المشاهد بملل أو رتابة الأحداث.
وذكر أن رغبته فى عدم توضيح اسم الجهة الأمنية التى تقوم بالتحقيق فى قضية قتل الضباط على يد «الصياد» ترجع لأن السياسة متغيرة، وهو لا يرغب فى ربط العمل الدرامى بأحداث سياسية محددة، لأنه خلال السنوات الثلاث الماضية تبين له أن الفن لا يمكنه مجاراة هذه الأحداث.
عاطف أوضح «لا يمكننى على سبيل المثال القول إن هذه الجهة هى جهاز أمن الدولة، وإن المحققين هم ضباط أمن الدولة، وإن ربطت ما يتم فى العمل بأحداث سياسية أو معاصرة، فإنها قد تتغير، ونجد أنفسنا فى واقع آخر، وقد تقوم ثورة جديدة، وهنا سيكون المسلسل غير واقعى، وغير معاصر، بل ومتأخرا عن الأخبار وما يجرى فى البلد، لذا تخيلت واقعا موازيا، وأشرت إلى أن هذه ليست الدنيا التى نعيشها، وإنما أخرى فى زمن غير محدد لأن كل هذه العناصر قابلة للتغيير، وبالتالى كان من الممكن أن يفقد المسلسل المصداقية».
عمرو نفى أن يكون عدم تحديده لهذه الملامح فى العمل خوفًا منه أو «طبطبة» على «الداخلية»، أو رسالة طمأنة لأى شخص مسؤول فى الدولة أو غير مسؤول، مؤكدًا أنه لم يضع اعتبارات لهذه الأمور على الإطلاق فى المسلسل، مشددًا على أن العمل خيالى يحدث فى واقع موازٍ، وتعمد تأكيد ذلك كثيرًا، حتى فى السيارات التى يستخدمها أبطال العمل، ومواقع التصوير، وطريقة حديثهم غير الواقعية، لافتًا إلى أنها كانت مخاطرة كبيرة من جانبه، لذا فاجأته ردود الأفعال الإيجابية.
وحول اقتباس المسلسل من عدة أعمال أجنبية قال عمرو: «توقفت عن الإجابة عن هذا السؤال لأننى مهما حاولت توضيح الفروق بين كل هذه الأعمال لن يصدقنى هؤلاء المشككون المقتنعون بالأفكار التى فى رأسهم، وليس لدى أى استعداد لأدافع عن نفسى لأننى لم أرتكب جريمة، بل عملت عقلى، وهذه أفكارى، وإن تشابهت مع أى أعمال، سواء أجنبية أو محلية، فهذا لأن جميعنا يفكر جيدًا، وليس لأن أى شخص أفضل من الثانى، وإن كنت أعمل فى أمريكا كنت سأقدم نفس العمل أيضًا».
أحمد مدحت: اعتمدت على عنصر المفاجأة
فى ثانى تجربة إخراجية له فى الدراما التليفزيونية، بذل المخرج أحمد مدحت مجهودا كبيرا فى «الصياد» للحفاظ على إيقاع المشاهِد، خصوصا أن أحداثه تدور فى إطار من الغموض والتشويق.
أحمد مدحت أوضح أن رغبة الجمهور فى معرفة مزيد عن الشىء هى ما تدفعه إلى متابعة الأعمال الدرامية التشويقية، وأضاف: «استخدمت تقنية (ألف ليلة وليلة) لتحقيق لعبة التشويق داخل المسلسل ولعبتها مع المونتير، ولأن شهريار لو اطلع على كل قصص شهرزاد لقتلها فى الليلة الأولى، فقد اتفقت مع المونتير على إخفاء بعض التفاصيل وتوضيح أخرى، مما يجعل المشاهد يتابع الحلقات عن عمد للتعرف على تلك التى تم إخفاؤها عنه، وطالما أن هذه الرغبة موجودة لدى الجمهور فهذا يعنى أننى متحكم فى العمل».
مدحت قال إن «الصياد» ليس العمل الأول الذى يتبع فيه تقنية «الفلاش باك»، حيث لجأ إليها من قبل فى فيلم «العالمى»، مع يوسف الشريف أيضا، مؤكدًا أن استخدامه لهذه التقنية يرتبط بمدى فائدتها للخط الدارامى، لكن إن فقدت رونقها أو اتصالها بالعمل سيلجأ إلى حيلة أخرى، مشددًا على أن مهمته الكبرى كانت الحفاظ على الإيقاع البصرى.
وحول الصعوبات التى واجهته فى أثناء التصوير، قال مدحت إنه فى الأساس مخرج سينمائى، وبالتالى فإنه لم يعتد تقديم مشاهد مطاردات وأكشن يوميا، موضحًا: «حاولت فى المسلسل الحفاظ على نسبة التنوع فى هذه المشاهد، وفى كل مطاردة أتبع أسلوبًا جديدًا، ولا أكرر نفس أجواء الجرائم، وقبل التصوير أشغل بالى بكيفية مفاجأة المشاهد، لأن المفاجأة ضرورة درامية، والوضع مختلف تماما بين السينما والدراما، فالأولى تتكون من 140 مشهدا، بينما الثانية تتكون من نحو 1200 مشهد».