المسلسل لم يحقِّق النجاح المأمول، ارمِ وراء ضهرك وكأن شيئًا لم يكن، المهم أن تبدو أمام الرأى العام متماسكًا ولا تعترف أبدًا بالهزيمة، أنت عنوان النجاح، رشَّة جريئة من الأحاديث التليفزيونية والأغلفة الصحفية كفيلة بتغيير كل شىء فى لحظات، ولا تنسَ أن «الميديا» كالعادة زادت من مساحات التغطية الرمضانية، وهى تريد أن تملأها ولن تجد مَن هو أفضل منك.
بعض الصحفيين والنقاد المارقين يكتبون ضد المسلسل، عاداتهم ولن يشتروها، ولكن الأغلبية تحت السيطرة، المهم أن تجعل مَن يشاركونك العمل يتولّون تلك المهمة وتأتى التعليمات إليهم، عليكم الإشادة دائمًا بالبطل الأول الذى منحك الدور، إنه ينتظر أن تقول تلك الجملة، كان أملى أن أعمل مع فلان أو فلانة ولو فى لقطة، مجرد أن أمُر أمام الكاميرا، كان حلمًا لا أجرؤ حتى على الحلم أو البوح به لأقرب الناس إلىّ، ودخلت التاريخ من أوسع أبوابه، إنه وسام أضعه على صدرى، ولا تنسَ أن تذكر كم الإرشادات التى قالها لك النجم حتى تجيد أداء دورك وتهدى إليه فى النهاية نجاحك، ولسان حالك يقول «ماتنساناش السنة الجاية يا أستاذ».
الناس فى الشارع تعوَّدوا أن يجاملوك دائمًا بعبارات إيه الجمال ده كله، أنا مابشفش غير مسلسلك، هناك بالفعل مَن قال ذلك، ولكن هذه المرة المعدَّل أقل، ولا يهمك ولا تشغل بالك، تاهت ولقيناها، إنت جيت فى جمل، الدواء معروف والحل أسهل بكثير، شكة الدبوس، توجد فى مصر عشرات بل قل مئات من الجمعيات والنوادى أغلبها نسائية، وهؤلاء من الممكن أن يعدلوا الصورة فى لحظات، ندوة تحضرها، هم ينتظرون فقط قدوم النجم أو النجمة وعشرات من الفضائيات تقف فى الانتظار لتملأ المساحة المتاحة بمادة مجانية، وبمجرد عرض هذه اللقاءات وتلك الإشادات من السيدات الفضليات، وبعدها الدنيا حتزهزه، تكريم من النادى وأسئلة تحمل إشادة حتى لو تضمَّنت على استحياء استفسارًا ويتخللها دائمًا هذا الأكليشيه: كيف تقمَّصت هذا الدور؟ وهل عايشت الشخصية من قبل؟ وما أصعب مشهد؟ وهل توقَّعت كل هذا النجاح؟ وهناك سؤال دائم عن جراحات التجميل وإليك الإجابة النموذجية: أنا لم أقم بأى عملية تجميل، ولكن لو وجدت شيئًا فى وجهى يحتاج فلن أتقاعس عن إجرائها، تقول النجمة ذلك حتى تنفى لجوءها المتكرر إلى جراحات التجميل، رغم أنها من كثرة الحقن أصبحت تُشكِّل مخزونًا استراتيجيًّا فى العالم كله كمصدر لا ينضب للبوتوكس، صار وجهها من كثرة الحقن جامدًا غير قادر على التعبير، لا تدرى هل هى تبكى أم تضحك، تصمت أم تتكلَّم، ورغم ذلك فإنهم منحوها جائزة النجمة الأولى.
يمر رمضان على النجوم وهم فى حالة صراع، أخبار مضروبة على النت، تؤكِّد أن مسلسل النجم حقَّق أعلى درجة كثافة مشاهدة على «اليوتيوب»، بعض الصحفيين الكسالى يتناقلون هذه الأخبار باعتبارها حقيقة، الصحافة والإعلام جزء من الورطة، وهكذا تتدخَّل وتتشابك المصالح.
دائمًا الإعلام يلعب دورًا فى إحداث هذه الغلوشة السنوية، ولكن المهم أن تخرج من المعركة مكللًا بالانتصار، هذا هو ما يتبقّى فى ذاكرة المشاهدين حتى بداية شهر شوال، وبعدها يتم غلق الصفحة لتفتح صفحة أفلام العيد، الإيرادات فى العادة مضروبة أيضًا، رقم على النت يتناقله الجميع باعتباره حقيقة.
ما الذى يتبقى مع الزمن؟ صورة الممثل وهو يحتضن التمثال أو الشهادة تعيش لمدة ساعات، هل الأمر يستحق كل هذا الكذب؟!