ما الهدف الحقيقى لتقديم مسلسل «صاحب السعادة»؟ نحِّ جانبًا أنه مشروع اقتصادى لعادل إمام، يحصل بمقتضاه على أعلى أجر 35 مليون جنيه، ويفرض من خلاله ابنَيْه رامى مخرجًا ومحمد بطلاً، العصمة بيد عادل فهو لا يزال النجم الأول فى عالم الدراما، باعتباره صاحب القضمة الأكبر من تورتة الإعلانات السنوية، فهو الذى يملك منح الفرصة أو منعها.
كل هذا حقيقى، إلا أن الهدف العميق والمضمر من «صاحب السعادة» ليس كل ما ذكرت سابقا، هذه المرة فإن الخطة السرية هى فرض نجم جديد فى مملكة الكوميديا، ليتسلم يوم 30 رمضان التاج من والده، وسط حفاوة وترحيب من الجميع، وهذا ما يفسر لك أن هناك عددًا من فنانى الكوميديا الجدد تناثروا فى المسلسل هنا وهناك، مثل أحمد عيد وإدوارد وخالد سرحان، حتى يبدو التعميد واضحا للعيان، فهم جيله ويرتضون به ملكا عليهم، وهو ربما ما تنبه إليه أحمد رزق، وفى سابقة نادرة الحدوث يعتذر عن الدور بعد الترشيح وإعلان اسمه فى كل الصحف، ولكنه فضل أن يشارك أحمد عز فى دور مساعد فى مسلسل «إكسلانس»، بدلا من أن يؤدى دور وصيف الملك محمد إمام فى «صاحب السعادة».
سبق أن كتبت مقالا فى هذه المساحة عنوانه «التوريث الفنى الحلال»، كنت أتحدث فيه عن عدد من الموهوبين من أبناء الفنانين، الذين هم فى الحقيقة لم يستفيدوا شيئًا من نجومية الآباء، مثل دنيا وإيمى سمير غانم، أو أحمد فلوكس وهيثم زكى، الذى بدأ مشواره بعد رحيل والده عندما أكمل دوره، فى فيلم «حليم»، وهناك أسماء أخرى ينطبق عليها بالطبع تعبير التوريث الحلال، ولكن النسبة الغالبة، التى تحتل الجانب الأكبر من الصورة، هى أن فوضى التوريث أدت إلى صخب الخريطة الفنية فى مصر.
ويبقى فى المعادلة مؤشر هام وهو النجومية، من الممكن بنسبة ما إن ترث موهبة الآباء، ومحمد عادل إمام كنموذج لا أنكر عنه تمتعه بقدر من الموهبة، ولكن النجومية والكاريزما والقدرة على الجذب الجماهيرى تُشكل معادلة أخرى، إنها منحة قدرية لا تلعب فيها الموهبة سوى دور ثانوى، لدينا نموذج مثل أحمد السقا، موهبة محدودة فى فن الأداء، والدليل أن كل الممثلين الذين يشاركونه البطولة فى الأفلام، التى يأتى فيها اسمه متصدرًا الأفيش والتترات يتفوقون عليه فى التمثيل، بمن فيهم حتى محدودو الموهبة فى الأداء مثل خالد النبوى، ولكنه بالقياس إليه يبدو ممثلا عتويلا. النجومية والكاريزما والقدرة على الجذب الجماهيرى معادلة أخرى، إنها منحة قدرية، تولد مع الفنان وتحيل اسمه إلى سر وسحر، وتُصبح طلته على الشاشة لها وميضها وثمنها، بالطبع مهما تمتع الفنان بكل ذلك فإن للنجومية فى كل الأحوال عمرًا افتراضيًّا، وقد تتبدد وتسدل الستائر فى لحظات إذا لم يُحط النجم موهبته بالذكاء.
لدينا مثلا محمد رمضان هذا العام، يقدم مسلسلا تجاريا «ابن حلال» لا يحمل طموحا فنيا خاصا، ولكنه يؤكد نجوميته التى صنعها فى الشاشة الكبيرة، فتأكدت على الصغيرة، فهو جاذب لدائرة جماهيرية واسعة، وليس فقط جمهور العشوائيات، كما حاولوا أن يضعوه فى هذا الإطار سينمائيا.
ليس صدفة أن محمد عادل إمام فى ظل معادلة إنتاجية جانبية يشارك فى بطولة مسلسل «دلع البنات» أمام مى عز الدين، بالطبع هى التى تتحمل المشروع كرهان اقتصادى، ولكن وجود محمد فى هذا المسلسل مقصود لإثبات أنه يقف بطلا موازيا بعيدًا عن والده.
الخطة كما ترى متكاملة الأركان، لكى تصل الرسالة إلى الجمهور، إنه البطل القادم الذى تسلم من والده وأمام الملايين فى هذا الشهر الكريم التاج ملكا متوجا على قبيلة فنانى الكوميديا الجدد، إلا أنك لو دققت النظر ستكتشف أنه يضع على رأسه السلطانية!!