إن لم تكن قد تابعت هذا المسلسل فافعل.. هذه ليست دعاية للمسلسل، ولا لبطلته الصديقة العزيزة نيللى كريم، التى ظلت لسنوات تعتبر نفسها منتسبة فى عالم التمثيل، على الرغم من كل ما قدمته من أعمال جميلة، محترمة، ذات بصمة فى تاريخ السينما والدراما التليفزيونية.. وكثيرون لا ينسون مسلسل «ذات» الذى شاركها بطولته غول التمثيل والصديق العزيز أيضا باسم سمرة، والذى جعلنا نؤمن بأن نيللى ليست منتسبة إلى عالم التمثيل، بل هى إحدى علاماته البارزة فى هذا العصر.. وفى «سجن النسا» ستشاهد نيللى كريم فى ثوب جديد تماما.. ستشاهد عملاقة فنية، تعتصر كل مشاعرك بأدائها السهل الممتنع، وتقمّصها التلقائى، وانسيابيتها الطبيعية فى كل مشهد، حتى يخيّل لك أنك أمام الشخصية الحقيقية للفتاة الشابة، التى تحيا فى مجتمع شبه ريفى، وتدفعها الظروف إلى العمل كسجّانة، على الرغم من مشاعرها المرهفة. والتى تورّط قلبها البكر فى عشق محتال نصّاب منعدم المشاعر منفلت التصرفات، لا يتورّع عن استغلال كل من حوله، بلا وازع من أخلاق أو ضمير، ولعب الدور باقتدار الفنان أحمد داوود، الذى يخون نيللى، ويتزوج من أخرى، من أجل مصلحته، بعد أن يستولى منها على مكافأة والدتها الراحلة، ثم يعود ليتزوجها، بعد وفاة زوجته، ويورطها فى جريمة قتل يرتكبها، ويفرّ ليتركها تتلقى العقاب عنه، فتتهم بالقتل، وتتحوّل من سجّانة إلى سجينة.. عمل ممتع بكل معنى الكلمة، أدارته بكل براعة واقتدار المخرجة المبدعة كاملة أبو ذكرى، التى أثبتت أنها تستحق عن جدارة اسم كاملة، كلقب أيضا، وهى تدير هذا العمل الفريد، المأخوذ عن رائعة الراحلة فتحية العسّال، والتى استقتها بدورها من أحداث حقيقية، فى هذا العالم، الذى لم نكن نعلم عنه الكثير، حتى شاهدنا أول مسلسل واقعى، عن عالم سجن النساء.. اختيار كاملة لعزبة السجن، التى بها السكن الإدارى للسجانات، وتعامل الكاميرا مع المكان بهذه البراعة، صنعا مسلسلا لا مثيل له فى الدراما المصرية، والمخرجة كأى مايسترو موهوب ومحترف، نجحت فى أن تخرج من طاقم العمل أفضل ما لديه، فتألق الكل على نحو غير مسبوق، وتفجرت مواهبهم فى تألق، وساعد طاقم الماكيير على استكمال المظهر بكل حرفية المسلسل.
كتبت له مريم ناعوم السيناريو والحوار بنعومة مدهشة، جعلتنا نحيا معه بنفس النعومة والانسيابية، على الرغم من أنها ارتكبت خطأ واحدا، فى المشهد الذى حاول فيه أحمد داوود الحصول على ميراث ابنه، من جده القتيل، فوفقًا للمواريث الشرعية، الابنة ماتت قبل والدها، وبالتالى فابنها لا يرث جده.. ولكن المهم أن هذه النقطة لم تفلت منا الأحداث، وظل العمل تحفة فنية إبداعية تستحق المشاهدة.. وشوف بنفسك.