يتابع مشاهدو الفضائيات في رمضان 2014 مسلسلات أثار بعضها الاهتمام لجرأتها في الطرح، لكن المسلسل التاريخي "سرايا عابدين" امتاز عن غيره بكم الأخطاء التاريخية التي يحتويها.
فقد وجه الكثير من المؤرخين سهامهم لهذا المسلسل الذي يسلط الضوء على حقبة تاريخية من مصر، يُفترض أنها مرتبطة بالخديوي اسماعيل.
ويشدد هؤلاء على أنه حتى وإن كان العمل الفني دراميًّا فإن أحداثه تدور حول شخصيات تاريخية حقيقية، ومن غير المقبول تحت أي ظرف إطلاق العنان للخيال بحيث تُحاك مواقف وأحداث غير حقيقية حول هذه الشخصية أو تلك، الأمر الذي يجعلها جزءًا من سيرتها الذاتية، سواء عن قصد أو عن غير قصد.
تدرو أحداث المسلسل، حسب السيناريو الذي وضعته المؤلفة الكويتية هبة مشاري في قصر الخديوي، "سرايا عابدين"، وتركز على الصراع بين نساء القصر لنيل رضاه.
هذا ويرى النقاد أن سرد الأحداث جاء مبالغًا به، علاوة على أنه يشوه صورة الخديوي إسماعيل، وأن وضع عبارة تفيد بأن أحداث المسلسل مستوحاة من قصة حقيقية لا يعفي صناع المسلسل من المسؤولية لعدم توخيهم الدقة في عملهم.
لكن المؤرخ المصري ماجد فرج يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، ليصف "سرايا عابدين"، أثناء استضافته في برنامج "رمضان بلدنا"، بالمؤامرة على الخديوي اسماعيل وعلى تاريخ مصر وسمعتها وهويتها، مضيفًا أن هناك من يحاول عن عمد "أن يسخف ويسفه ويقل من قيمة هذا الرجل العظيم الذي نعيش في خيره حتى اليوم".
كما سلط فرج الضوء على أخطاء وقع فيها القائمون على المسلسل، منها على سبيل المثال لا الحصر، حين الإشارة إلى مشهد الاحتفال بعيد ميلاد الخديوي إسماعيل الثلاثين، أي في عام 1860، علمًا أنه لم يكن آنذاك قد نُصِّب حتى وليًّا للعهد، موضحًا أن الشاب تولى زمام الحكم في عام 1867.
ووصف ماجد فرج ما جاء في المسلسل بالمهازل، مشددًا على أن ما جاء فيه ليست أخطاء بل "مؤامرات"، منتقدًا مؤلفة المسلسل بشدة، وإن أكد حقها بتأليف ما يحلو لها من أعمال "جنسية" تحاول بها مضاهاة مسلسل "حريم السلطان" التركي، لكن شريطة ألا تتمحور حول شخصيات تاريخية.
أما خلف الميري، أستاذ التاريخ في جامعة عين شمس، فقال بمداخلة هاتفية في البرنامج ذاته: إن المسلسل يعج بالأخطاء ابتداء من اسمه "سرايا عابدين"، إذ إن الكلمة الصحيحة في الفترة الزمنية التي يتناولها المسلسل هي "سراي".
كما أشار إلى أن كلمة "خديوي" لم تعتمد قبل 1867، علاوة على الأخطاء المتعلقة بالأزياء والمفردات التي وُضعت على ألسنة الممثلين، واصفًا سيناريو المسلسل بأنه أسوأ سيناريو لعمل تاريخي مرّ عليه في حياته، وفقًا لما نشره موقع روسيا اليوم.
من جانبها ردّت الكاتبة على أصحاب هذا الرأي بأن "صناع المسلسل على علم بكل الأخطاء التاريخية التي تم الإعلان عنها في المواقع والصحف"، وأن قصة العمل "مستوحاة من التاريخ" فقط، ولا تهدف إلى توثيق مرحلة تاريخية محددة.
كما نوهت إلى أنها تعمدت تجاهل تفاصيل تاريخية "حتى لا يكون العمل مملًا"، وأنها كتبت نصًّا تطرق إلى مرحلة تاريخية "بطريقة تحمل قدرًا من الخيال والتحرر".
حفيد الخديوي يهاجم "سرايا عابدين" ويطالب بوقف عرضه
بعد صمت طويل التزمه فؤاد الثاني، الذي تصفه وسائل إعلام بأنه آخر ملوك مصر، هاجم الرجل مسلسل "سرايا عابدين" من خلال بيان أصدره، وطالب فيه بوقف عرض "هذه المهزلة" انطلاقًا من أن هذا العمل "يشوه صورة الخديوي إسماعيل باشا.
جاء في البيان .. "تابعت بكل أسف المسلسل المسمى بسرايا عابدين، وظنًّا مني أنه سيكون منصفًا لتاريخ الخديوي إسماعيل باشا، والذي يعتبر أهم وأعظم حكام مصر في عصرها الحديث، والشريك الأساسي لجده محمد علي باشا في بعث نهضة الوطن، إلا أن المنتجين اهتموا بجانب في المسلسل غير موجود إلا في خيالهم فقط، ولا يمت للواقع بصلة، ومهين لذكرى هذا الرجل الذي أحب بلده وبذل كل ما في وسعه لرفعة شأنه".
وأضاف أن "المسلسل امتلأ بالمغالطات التاريخية والجغرافية وبالخلط في الشخصيات، الأمر الذي ينم عن جهل شديد بتاريخ أفراد الأسرة وبتاريخ الوطن في فترة من أزهى فتراته، كما امتلأ بالاتهامات للخديو ولبعض زوجاته بالقتل والتآمر والفساد وسوء الخلق".
كما نوه فؤاد الثاني في بيانه إلى أن "وضع عبارة دراما مستوحاة من قصة حقيقية في مقدمة الحلقات أمر لا يعفي أصحاب المسلسل من المسؤولية عن الإهانة المقصودة والاتهامات الكاذبة لأشخاص حقيقيين رحلوا عن عالمنا، ولكن لهم أحفادًا وذرية لن تقبل بهذه الإهانات والاتهامات المخلة بالشرف ولن تسكت عنها".
يُذكر أن المسلسل يضم عددًا من نجوم الدراما المصرية والعربية، منهم يُسرا وقصي خولي ونيللي كريم، وهو من إخراج عمرو عرفة.