عاد مرة أخرى على الساحة من أطلقوا على أنفسهم حكماء البلد، وذلك بمناسبة الانتخابات البرلمانية القادمة.
فنجد شخصيات من الحكماء تسعى إلى تحالفات انتخابية حزبية أو جماعية أو حركية، المهم أن يوجد فيه الحكماء!!
ويجتمع الحكماء بأطراف مختلفة لتوسيع أو تضييق التحالفات فضلا عن أدلجة تلك التحالفات تحت أسماء لها دلالة أو من غير، فليس مهمًّا، إنما المهم هو وجودهم ومحاولة أن لا يغيبوا عن المشهد السياسى فى تلك المرحلة، رغم أنهم لم ينجزوا أى شىء فى مراحل سابقة.
وقد ابتلينا بمن أطلقوا على أنفسهم الحكماء منذ أحداث ثورة يناير ٢٠١١ واستمر ظهورهم فى أحداث ومراحل تالية، يخرج منهم أحيانا بعض الشخصيات وينضم إليهم شخصيات أخرى، لكن النتيجة فى النهاية صفر وعودة إلى الوراء.
ففى أحداث ٢٥ يناير فوجئنا بتلك الجماعة أو المجموعة التى لم يكن لهم من الأمر شىء، وكانوا يريدون أن يكونوا على اتصال بالنظام «وبأى نظام» يفرضون أنفسهم على الأحداث باعتبارهم الحكماء الذين يمكن أن يوجهوا الناس بحكمتهم، مع التواصل فى نفس الوقت مع نظام الحكم.
وحاول بعض الشخصيات الصامتة على ما كان يفعله نظام مبارك الوجود فى الساحة بصورة جديدة ومختلفة وتقديم نفسه إلى المجتمع باعتباره من الحكماء.
لكن لم يستطيعوا أن يقدموا شيئًا..
وفشلوا فشلا ذريعا وضاعت حكمتهم عند باب نظام مبارك وضاعت كذلك فى الميدان عندما رفض المعتصمون فض الميدان إلا قبل أن يرحل النظام.
ورغم فشلهم استمر الحكماء، والذين لم يكونوا لهم علاقة بالثورة فأرادوا الالتحاف بها وأنهم الحكماء الإصلاحيون، على الساحة، ويستجيبوا لأى مطالب للنظام.. فهرولوا إلى أى دعوات.
فما إن دعاهم أحمد شفيق الذى تولى رئاسة الحكومة كحل من النظام للخروج من أزمته إلى لقاء مع غيرهم من أفراد النظام والمنافقين والموالسين والمتاجرين حتى لبّوا الدعوة وهرولوا إليه، رغم أن الرجل لم يكن فى يده شىء فقد كان شعار الرحيل هو المرفوع من كل القوى الوطنية الحية، بعد أن بدا أن مبارك أصبح وجوده مستحيلا.
وكذلك فعلوا مع عمر سليمان عندما دعاهم..
ولم يقدموا شيئًا اللهم إلا انضمام عدد من رموز الأحزاب الفاشلة معهم فى محاولة لغسل تاريخهم الأسود فى تحالفهم مع نظام مبارك واستبداده.
واستمر هؤلاء الحكماء إلى ما بعد خلع مبارك.
وهرولوا من جديد إلى المجلس العسكرى الذى كان يدير البلاد ليقدموا حكمتهم التى لم تفد فى شىء!!
ومع أى سلطة يظهر هؤلاء الحكماء، وحتى مع الإخوان تقربوا منهم ووجدنا من انضم إلى لجنتهم التأسيسية لوضع الدستور سعيًا إلى الوجود فقط، رغم أنه لم يقدم شيئًا من حكمته، فلم يكن الإخوان فى حاجة إليهم أو إلى حكمتهم، بل كانوا فى حاجة إلى ادعاء أن لديهم شخصيات ممن يطلقون على أنفسهم حكماء ويمثلون تيارات أخرى غير الإخوان وحلفائهم من الإسلاميين.
فلم يكونوا حكماء ولا يحزنون.
ولا يعملون من أجل الوطن أو الشعب أو من أجل المستقبل، إنما يعملون من أجل مصالحهم الشخصية.
لقد وجد هؤلاء ومعهم عدد من قيادات الأحزاب الفاشلة، والتى تدعى أنها كبيرة، أن الفرصة مواتية الآن للحصول على المزيد من المنافع الشخصية ولا مانع أن يلتحفوها بحصانة برلمانية ومواقع مهمة فعادوا مرة أخرى، وهذه المرة عن طريق التحالفات الحزبية الانتخابية لتحقيق ما يسعون إليه.