من دون شك أن البرلمان المقبل هو الأهم فى تاريخ البلاد نظرًا إلى المسؤولية الكبيرة التى تقع عليه فى تشكيل مستقبل الوطن.
.. فالبرلمان القادم مسؤول عن بناء مؤسسات الدولة الحديثة والتأثير فى السلطة التنفيذية فى منح الثقة للحكومة والمشاركة فى اختيار رئيسها الذى سيكون بطبيعة الحال مشاركًا لرئيس الجمهورية فى السلطة التنفيذية، وليس تابعا له أو سكرتارية كما كان متبعًا.
.. هكذا ينص الدستور الجديد للبلاد على دور البرلمان فى تشكيل الحكومة ورئيسها ووزرائها المشاركين للرئيس فى الحكم.
.. ومن ثم تأتى أهمية البرلمان القادم.. فلم يعد دوره الرقابة الشكلية على أداء الحكومة فقط، وإنما دوره سيكون عظيمًا ومؤثرا ومشاركا.
.. ومن هنا لا بد أن يكون تشكيل البرلمان القادم على قدر المسؤولية.
.. لكن هناك من يلعب دائما ويسعى إلى تحقيق طموحات ومنافع شخصية على حساب الشعب ومستقبل هذا الوطن.
.. ولعل ما حدث فى برلمان فترة مبارك دليل حى على المنافع الشخصية على حساب الوطن ومن صعود شخصيات ما أنزل الله بها من سلطان، ليكون لها النفوذ والسيطرة والاحتكار، فما كان من هؤلاء إلا أن استباحوا البلاد واستغلوا الحصانة والتى لم تكن برلمانية فقط.. وإنما حصانة النظام التى كان يمنحها لرجاله ومنافقيه ومؤيدى مشروع توريث السلطة ليطحيوا فى البلاد والعباد.. ونهب الأراضى والأموال.. وتهريبها.. ونشر الفساد وجرفوا البلاد من خيراتها وخبراتها حتى يكونوا فى صدر المشهد يستمتعون ويخربون من أجل مصالحهم الشخصية.
وظهر فى تلك الفترة حيتان كبار أرادوا أن يحافظوا على مصالحهم بدخولهم عالم السياسة والبرلمان.. فاشتروا الذمم والإعلام وأطاحوا بالأعراف والقوانين من أجل المزيد من المصالح والاحتكارات على حساب وقفا الشعب.. فكان الفساد على أيديهم فى كل مكان وشجعوا القهر والفقر والقمع لكى يظلوا مطمئنين بالتلذذ بثروات البلاد.
لكن جاءت ثورة 25 يناير وتخيل الناس أنهم تخلصوا من تلك الشخصيات.. إلا أنهم عادوا من أبواب أخرى ليستمروا على شاكلتهم ويحافظوا على مصالحهم وأموالهم التى اكتسبوها.
.. وجاء الإخوان إلى الحكم.. وصاروا على نفس الطريق وضموا إليهم الشخصيات نفسها أو كثيرا منها.. مرة فى تحالفات.. ومرة أخرى بالتراضى فى أمور وقضايا على حساب الشعب والوطن.
.. وليستمر نفس الأمر.. ولم يحدث أى تغيير حتى بعد 30 يونيو والتخلص من حكم الإخوان.
.. واستطاع المنافقون الذين نهبوا الأموال تغيير وجوههم مرة أخرى للانطلاق إلى النظام الجديد بنفس الطريقة!!
.. وعلى المستوى السياسى أيضا.. هناك طموحات فى البرلمان الجديد من نفس الأشكال ويحاولون أن يكونوا موجودين مرة أخرى تحت وهم وحجة «التحالفات».. فأى تحالفات يتحدثون عنها وهم الذين يبحثون عن منافع شخصية أو قُل الحفاظ على المنافع التى حصلوا عليها فى الفترة الماضية سواء فى تحالفاتهم مع نظام مبارك الفاسد المستبد أو حتى الإخوان الفاشى.
.. لقد وصل الأمر بمن يخرج علينا ليخبرنا برئيس البرلمان القادم من الآن.. فى الوقت الذى تفشل فيه تلك الأحزاب فى الاتفاق على أجندة لصالح الوطن والشعب.
إى نعم أؤيد الأحزاب وأدعو إلى دعمها.. لكن للأسف هى لا تستطيع أن تحصل على ثقة الشعب حتى الآن.
.. فمعظم الأحزاب على الساحة فاسد ولا يختلف كثيرا عن الحزب الوطنى الفاسد.. ولا حزب الإخوان الفاشى.
.. ومع هذا يفشلون فى فوضى التحالفات التى تسعى فقط إلى مصالح شخصية لمن يقودها.
.. وقد انضم إلى تلك الأحزاب بعض الشخصيات التى لا علاقة لها بالسياسة أو حتى العمل العام أو تتخذ من العمل العام مكسبا شخصيا وزيادة نفوذها أو ثرواتها.. وليس لها علاقة أبدا بمصالح الشعب.
.. إنها فوضى التحالفات التى تزيد من الفوضى العامة.
.. فيا أيها الذين فى التحالفات ارحموا هذا الوطن وهذا الشعب.