انقسمت آراء الجمهور بين معجب بمسلسل "سرايا عابدين" الذي يعرض خلال شهر رمضان، ومنتقد له، إلا أن بعض أصوات المختصين انتقدت ما وصفته بـ"الأخطاء التاريخية الفادحة المسيئة للأسرة العلوية" ووصل الأمر إلى القضاء. وقد استطاع موقع CNN بالعربية الحصول على التصريح الأول من MBC، الشركة المنتجة، والتي كانت تفضل التحفظ وعدم الرد.
مازن حايك، المتحدث الرسمي باسم مجموعة MBC قال لـ CNN بالعربية : "بداية أؤكد أن مسلسل "سرايا عابدين" هو دراما اجتماعية بحتة، تدور أحداثه في أجواء افتراضية خيالية، لا تهدف بأي صورة إلى توثيق تاريخ الحقبة الخديوية، لكنها أخذت من هذه الحقبة حاضنة مكانية وزمانية لأحداث العمل. فلم نروج يوماً للمسلسل على أنه وثائقي أو تاريخي، لذا ليس من المنطقي توجيه اتهامات غير موضوعية للمسلسل، مثل تشويه تاريخ أسرة محمد علي أو تشويه التاريخ المصري، فهل يمكن القول إن مسلسل Game of the thrones، يشوه التاريخ الأوروبي!"
وأضاف: "هناك ما يعرف بـ creative license، والمقصود به إعطاء المخرج والمؤلف الحق في سرد الأحداث الدرامية بالطريقة المناسبة التي تحقق أهدافهما، وهذا يعتمد على الخطة الإبداعية للكاتب وهي من بديهيات العمل الدرامي."
وأكد حايك، أن التواريخ، التي يرى البعض أنها خاطئة، كانت مقصودة، وأن الكثير من الأحداث التي علق عليها البعض مثل موضوع مقتل الأمير فؤاد، ستظهر معالمها أكثر في الحلقات المقبلة، وأن الكاتبة اعتمدت على العديد من المراجع أثناء كتابة النص، لكنها في كثير من الأحداث والتواريخ تعمدت الذهاب أكثر إلى البعد الدرامي على حساب التاريخ لتحقيق عنصر الدهشة."
وأشار حايك إلى أن الجدل يؤكد نجاح المسلسل، وقال: "نحن سعداء بالجدل المثار، فهذا دليل على أن العمل لم يمر مرور الكرام، خاصة أن الساحة الدرامية هذا الموسم مكتظة بالأعمال. ويكفي أن العمل جمع أبرز الفنانين في الوطن العربي بإبهار مشهدي. إلا أن أي عمل ناجح وأي شجرة مثمرة ترمى بالحجارة، فالكثير من النقاد المهنيين أشادوا بحجم الإنتاج والصورة وترابط الأحداث. وهذا يكفينا."
بالمقابل، هاجم الدكتور ماجد فرج، المؤرخ والباحث في تاريخ مصر الحديثة، العمل بشدة، وقام أيضا برفع دعوى قضائية ضد القائمين على المسلسل، وكذلك ضد الجهات الرقابية المصرية.
وفي اتصال هاتفي مع موقع CNN بالعربية، قال إن هذه النوعية من الأعمال لا يقصد منها سوى "مداعبة الخيال الجنسي عند المشاهد،" مضيفاً: "أعتبر سرايا عابدين تشويها لتاريخ مصر وإساءة إلى الأسرة العلوية."
وأضاف قائلاً: "العمل مليء بالأخطاء التاريخية، مثل تاريخ بناء سراي عابدين وتاريخ تولي الخديوي إسماعيل حكم مصر وغيرها، إضافة إلى محاولة إظهار سراي عابدين بأنها أشبه بوكر رذيلة، وكأن الخديوي اسماعيل كان متفرغا للنساء ولذاته، وأن نساء القصر بلا أخلاق يمارسن العلاقات الجنسية مع أي رجل، ما يشكك في نسب أبناء هذه العائلة."
وعلق فرج على ما كتب على "تتر" المسلسل بأن القصة مستوحاة فقط من حياة الخديوي، قائلاً: "لا أفهم كيف تكون مستوحاة وهي ليست حقيقية، فهذه كليشيهات ليس لها معنى ومتناقضة، وكأننا نقول قليل الأدب في حدود الأدب."
وأضاف: "إن كانت مؤلفة العمل تريد خلق شخصية افتراضية لماذا تقترب من حياة أحد رموز مصر؟ ولماذا لم تعد مثلاً إلى عهد المماليك الذي كان مكتظا بالجواري والعبيد؟ وهل تستطيع الكاتبة أن تستوحي قصة مثل هذه من حياة أحد حكام الخليج الراحلين، ومن ثم تكتب عليها بأنها مستوحاة وأنها لا توثق التاريخ؟"
وعن أبرز الأخطاء التي لفتت انتباهه، قال فرج: "المسلسل مليء بالكوارث التاريخية. فعلى سبيل المثال، اقيم حفل عيد ميلاد الخديوي اسماعيل الثلاثين عام ١٨٦٠م وهو المولود عام 1830 داخل "سراي عابدين" في حين أن السراي اكتمل تشييده عام 1872م، أي بعد 12 عشر عاماً من مشاهد عيد ميلاد الخديوي اسماعيل الذي لم يكن أصلا اسماعيل باشا خديوي مصر في عمر الثلاثين ولم يكن حتى ولياً للعهد وقتها.
ووجه فرج اللوم إلى الجهات الرقابية المصرية، التي سمحت بعرض هذا المسلسل دون مراجعته بدقة، وطالب بإيقاف العمل ومنع تصوير أجزاء جديدة، أسوة بما حدث في فيلم "حلاوة روح،" إذ تم سحب الفيلم من دور العرض رغم حصوله على تصريح الجهات الرقابية، وتضامنت مع القرار العديد من الدول العربية.
من جانبه، اتفق الدكتور خلف الميري، أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس، والذي كان مستشارا لأي استفسارات تاريخية للمسلسل، مع ما قاله فرج، وأضاف: "القائمون على المسلسل لم يعرضوا السيناريو بأكمله عليّ، لكنهم رفضوا واكتفوا بسؤالي عن بعض الوقائع التي يريدون التأكد منها، ما جعلني أرفض كتابة اسمي على "تتر" المسلسل كمدقق تاريخي، واكتفيت بكتابة استفسارات تاريخية."
أما عن الأخطاء التاريخية فقال الميري: "توجد العديد من الأخطاء التي طالبت بتعديلها، لكني فوجئت عند عرض العمل بعدم تغييرها، وعلى رأسها اسم المسلسل ذاته. فسرايا عابدين خطأ والكتابة الصحيحة هي سراي عابدين، كما أن لقب خديوي لم يظهر قبل عام 1867، وأن لفظ جلالتك لا تقال للخديوي، بل تقال للملك."
وعن أبرز الانتقادات الموجهة للعمل على الصفحة الخاصة بالمسلسل على "فيسبوك":
كتبت :Rose solima "المشكلة في الجيل الجديد اللي مش عارف تاريخ بلدة. وبياخد كل من الميديا وبيصدق كل حاجه فيه"
وعلق “Amar essam” قائلاً: "بلاش جهل ولنسرد التاريخ سرداً صحيحاً أو نمتنع عن أي عمل مرتبط بالواقع"
وقالت :“Dero Magdy” "انا مش زعلانه على الخطأ التاريخي، انا عايزه حبيبي الأمير الكلبوز ده حرام عليكوا ده كان لذيذ اوي."
ودون : “Mohammed zyada” "نفسي اعرف يعني ايه دراما مستوحاه يعني من قله تاريخنا ده تاريخنا يعمل 100 مسلسل ولا هو تقليد لحريم السلطان كده المؤلفة شوهت تاريخنا."