حرب الجيوش النظامية البديل الوحيد لركوب «عجلة العملية»
أكتب هذه السطور بينما الأخبار تترَى وتتوالى متضمنة تهديدات قوية ومتصاعدة يطلقها قادة العدو الصهيونى، يؤكدون فيها أن الاستعدادات والحشود العسكرية الضخمة متواصلة ومتصاعدة، لاحتمال تنفيذ عملية عدوانية جديدة وواسعة النطاق على قطاع غزة المحشور أهله (واحد ونصف المليون إنسان) بين مطرقة آلة القتل الإسرائيلية وسندان عصابة «حماس الإخوانية». ورغم أن آلة القتل والتدمير الصهيونية تدور بنشاط زائد فى الضفة الغربية والقطاع منذ نحو أسبوعين، استنادًا إلى ذريعة وفرتها عملية خطف ثم قتل ثلاثة من شباب قطعان المستوطنين المستجلبين من أصقاع بعيدة إلى أرض لا يعرفونها واستيطان وطن مسروق من شعبه، ورغم أن هذه القطعان المتوحشة قامت برد إجرامى انتقامى متفوق فى البشاعة تمثل فى خطف صبى فلسطينى صغير وحرقه حيًّا حتى الموت، فإن تهديدات العدو ونشاطه العدوانى لم يتوقفا لحظة واحدة. هذه الأخبار المكررة تهدينا الدليل رقم مليون على فشل ذلك الاختراع العجيب الذى لم يسبقنا إليه أحد من أمم الدنيا، ألا وهو إسقاط حق المقاومة بشتى صورها والتوقف عن إلحاق أى أذى بالعدو، أو تكبيده أى خسارة، واستبدال الرهان على إقناعه بالحسنى بذلك كله عبر جلسات تحضير أرواح طويلة ومفاوضات أبدية يكتفى خلالها مفاوضونا بمرافعات عبيطة وأهازيج وأغان هابطة لـ«السلام» و«العملية» وخلافه!! لقد قام صرح اختراع «عجلة العملية»، وتأسست ثقافة الاستسلام للعدو واعتباره «خيارًا» استراتيجيا وحيدا وحتميا، على فرضيتين رئيسيتين، أولاهما أن حرب الجيوش النظامية هى البديل الوحيد لركوب «العجلة» إياها والانطلاق بها نحو الاستسلام الشامل والتنازل عن كل الحقوق، والفرضية الثانية أن العرب لا يمكنهم محاربة إسرائيل المدعومة بأمريكا، ليس فقط لعجز إمكانياتهم الحربية، ولكن أيضا لأن الحرب سوف تأتى على حساب خطط التنمية وتدمرها!! والحقيقة أن الفرضيتين هاتين فاسدتان فسادًا ظاهرًا، وكلتيهما محض تزوير وكذب ونصب مفضوح للأسباب والحقائق التالية:
أولا: أن صور وأساليب المقاومة التى أبدعتها الإنسانية (بمن فيها شعوبنا) لا تكاد تعد أو تحصى، كما أنها تتنوع فى طبيعتها وأشكالها تنوعا هائلا وتتسع لممارستها جبهات تمتد من الاقتصاد والسياسة إلى العنف النبيل المتجسد فى العمل الفدائى.. بمعنى أن الذى لا تتيسر له ظروف وإمكانات أن يحارب بالجيوش النظامية لتحرير أرضه وانتزاع حقوقه، يمكنه أن يقاوم عدوه ويقض مضاجعه ويلحق به الأذى والضرر بمليون طريقة أخرى.
ثانيا: ومع ذلك لا توجد فى هذه الدنيا كذبة أكبر وأكثر وقاحة واستخفافا بالعقل من أكذوبة أن الأمة العربية لا تملك إمكانات الحروب العسكرية، فالواقع القائم فعلا يقول إن أنظمة الحكم الرازحة على قلوب أغلب شعوبنا، ما زالت تنفق ببذخ على تكديس السلاح وبناء ترسانات حربية هائلة، بل وتخوض بالفعل حروبًا بالوكالة عن القوى العالمية التى تدعم هذه الأنظمة وإسرائيل معًا، مما يكلف دول وأقطار أمتنا أكثر من 60 مليار دولار سنويا، بحيث صارت تحتل رأس قائمة أكثر دول العالم إنفاقًا على التسلح!!
العالم حاليا يكاد يقترب من عدد الفلسطينيين، فسنقتنع فورًا أن الحل ربما يكون فى «أرحام الأمهات».. أكرم وأرحم.
ضاقت المساحة.. وأواصل بعد غد