مصر بلد غنى... حقيقة لم يكذب من قالها، ولكنه نسى أن يكمل العبارة... ولكنه منهوب... هكذا تكتمل العبارة، وتصير صحيحة تمامًا، مصر بلد غنى، ولكنه منهوب... مسؤولوه وموظفوه العموميون نهبوه، لأن النظم المتعاقبة سمحت لهم بهذا، بسياستها العقيمة، التى انحازت بتعنّت للدولة، على حساب الفرد، وعلى نحو عدوانى استفزازى محبط، جعل ضحية الفساد يدوخ السبع دوخات، ليس للحصول على حقه، ولكن ليجد مسؤولاً واحدًا يستمع إليه، ولديه نية حقيقية لمعرفة الحقيقة، وإعادة الحق لصاحبه، حتى لو كان الحق له وليس للدولة... كل مسؤول يتصوّر أن مهمته هى حماية الدولة من المواطن، وكأنه مجرّد كلب حراسة شرس معدوم العقل، يعض كل من يقترب من سيّده، حتى إنه قتل الطبيب، الذى هرع لإسعاف ابن سيّده!!!... أعرف محافظًا سابقًا لمحافظة كبيرة، لم يكن يستمع إلى أحد، وكان بذىء القول والفعل، شرس التعامل، يتخذ القرارات فى تسرّع جبروتى، ويفرض الرسوم على من يشاء وقتما يشاء، دون سند من دستور أو قانون، مع التنكيل بكل من يجرؤ على الاعتراض!!.. وكانت كلمته الشهيرة، التى يردّدها فى تغطرس متجبّر، على كل من يخبره أن أفعاله غير قانونية، هى (أنا بلطجى عاجبكم ولا لأ)... ولأنه بلطجى وبذىء ولا يصلح إلا كبوّاب فى كباريه درجة ثالثة، جعلته الدولة وزيرًا، فى وزارة سابقة، على الرغم من أن محافظته فى عهده صارت مثالاً للفساد والفوضى... والبلطجة... فما دام محافظ البيت بالبلطجة يحيا، فشيمة المحافظة كلها أن تمسك السنج والمطاوى!!.. لو أردت أن تصلح هذا البلد، وتضبط منظومته يا سيادة الرئيس، فشنَّ حربًا شعواء على الفساد... ابدأ بمديريات الإسكان يا سيادة رئيس الوزراء، فأنت بحكم حياتك المهنية تدرك أى مستنقع فساد هى... ابحث فيها عن حق الشباب، الذين أحبطتهم تلك المديريات... افتح ملف شقق الشباب، التى استولى فاسدون وغيلان تلك المديريات على خمسة وتسعين بالمئة منها، وكتبوها بأسماء أبنائهم وزوجاتهم وأشقائهم وأقاربهم... افتح الملف يا ريس، وأعِد الحق لأصحابه... الفاسدون ربحوا المليارات من هذا البلد، ولو سمحنا لهم أن ينعموا بما سلبوه ونهبوه منا ومن أقواتنا وأقوات الأجيال القادمة، نكون قد كافأناهم على فسادهم، الذى يزكم أنوف سكان المريخ، ونكون قد أحبطنا هذا الشعب، وشبابه ومستقبله على وجه الخصوص... افتح الملف يا سيادة الرئيس، وحقّق فيه يا سيادة رئيس الوزراء.. حقّق فيه بجد، وليس كما فعلت مع الصندوق الاجتماعى، الذى نشرت هنا عشرات الشكاوى منه، وشرحت فساده، وإحباطاته لشباب مصر... ولم ينجح أحد فى الحكومة، وينظر بنصف عين لشكوى الشباب!!.. هنا سأفتح هذا الملف، وعلى كل من لديه شكوى أو مستند أن يرسله... سنفتح هنا ملف فساد مديريات الإسكان، وملف شقق الشباب المنهوبة... فلو أنه على هذا الشعب أن يعانى لكى يصل إلى المستقبل، فالفاسدون والمتجاوزون لا بد أن يكونوا أول من يدفع الفاتورة، وبدلاً من أن نبذل الجهود الدبلوماسية لاستعادة أموالنا المنهوبة من الخارج، دعونا نسعَ لإعادة أموالنا المنهوبة فى الداخل... هكذا ندفع الفاتورة.
نبيل فاروق يكتب: الفاتورة «2»…
مقالات -
د. نبيل فاروق