عندما سألوا السيسى كيف ستحلّ مشكلة المرور.
قال: أنا عندى طريقتى.
ومشكلة البطالة؟
قال: أنا عارف هاعمل إيه.
والأجور والأسعار والدعم؟
قال: قلتلكم أنا عارف هاعمل إيه ومش كل حاجة تتقال علنًا كده.
ولهذا لم أفهم الخبر الصباحى بعد ليلة الصدمات.
الصدمات كانت متعددة:
1- رفع أسعار الوقود.. بكل أنواعه (بنزين/ سولار/ غاز).
2- الزيادة تتعلق بالاستخدام الشخصى/ العائلى، أى تتعلق بالتفاصيل المباشرة لكل فرد.
3- الزيادات خرافية فى الوقود الشعبى (السولار/ الغاز).
4- التنفيذ تم بشكل مفاجئ/ صدمة كهربائية وبعد تطمينات بالتأجيل.. أو ما بدا أنه تردد فى القرار من أساسه.
5- والارتفاع فى سعر الوقود لم تصاحبه قرارات بتسعير وسائل النقل، وهو ما يعنى أن حرب شوارع يومية بين سكان مصر ستنفجر.. وتنفجر.
هذه هى الصدمات التى تقول بأن الجهاز البيروقراطى، بداية من الرئيس حتى أصغر صاحب قرار فى أى ملف، يفكرون بعقل الأزمة الذى لا يرى أبعد من التفكير فى كيفية تنفيذ الحل، لا فى البحث عن حلول أخرى أو مناقشة تأثير القرار اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.
ولهذا فكان العجب هو الإعلان عن اجتماع بين السيسى والحكومة لمناقشة تأثير ارتفاع الأسعار.. تفكير بعد القرار يعنى ببساطة أنه ليس لديهم «سياسة» والموضوع تعلَّق فقط بإصدار أوامر.. و«الناس تستحمل شوية...».
وهنا يختفى الإدراك بمن سيتحمل؟
أو من سيدفع تكلفة القرار؟ وقبل هذا أىُّ طبقات وشرائح ستدفع تكلفة الأزمة الاقتصادية؟
ارتفاع أسعار الوقود سيدفع تكلفته غالبًا الطبقات الفقيرة والمتوسطة.. العمال والموظفون من أصحاب المرتبات الثابتة.. أو الذين تعتبر إدارة السيسى مطالبتهم بزيادة المرتبات «أكلاً لمصر».
سيدفع التكلفة أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة (ملّاك التاكسيات والميكروباصات وسيارات النقل والمتاجر الصغيرة).
بينما تبقى الشريحة الأعلى من أصحاب المرتبات الخرافية بعيدة عن دفع التكلفة «حتى قرار الحد الأقصى للمرتبات أعلنت الحكومة أن هناك صعوبة فى تنفيذه»...
وأضف إليهم دوائر رجال الأعمال وأصحاب المشروعات الضخمة وتجار الأراضى وأصحاب الإمبراطوريات العقارية (وهؤلاء لم يتعرضوا إلا لحركات استعراضية أقصاها حملات التبرع لصالح مصر).
القرار بهذه الطريقة لم يتم التفكير فيه ولا يعبّر عن سياسة، وإنما عن انحيازات اجتماعية واقتصادية وتصور بأن كل صعب سيمر بمزيج «الحزم والحنية»..
كيف تفكر فى آثار قرار بعد اتخاذه؟
كيف تدير أزمة اقتصادية بالعشوائية العقيمة واستعراضات رئيس الحكومة الذى يتحرك بعقلية مقاول يظهر فى مواقع العمل ليحل المشكلات بنفسه؟
وقبل أن يصل السيسى إلى الحكم معروف أن الأزمة الاقتصادية علقم.. لكن لماذا يتجرعه الفقراء والأكثر احتياجًا وحدهم؟
لماذا لا تعلن سياسة لمواجهة الأزمة بدلا من تلك الأوامر والصدمات؟
وهل لديكم سياسة أيضا؟
المؤشرات الوحيدة الآن أن هناك إصرارًا على سياسة «الأوامر والحنّية» و«استحمل علشان مصر» ومواجهة الغضب بالقمع الأمنى.. وهذا خطر كبير لو تعلمون.