وصلتنا عبر الإيميل مئات الأسئلة، من نساء ورجال، يحملون أمراضا وأسبابا مختلفة، ويسألون عما إذا كان من حقهم إفطار شهر رمضان، ومن هذه الأمراض نختار أمراض الأنيميا، والكُلى، والقلب، والسل، والسرطان، وهشاشة العظام، والصرع، والمصاب بجلطة، أو شلل من أى نوع، وأيضا يسألون عن الحامل والمرضعة، وأيضا عن أصحاب الأعمال الشاقة، مثل أعمال البناء والحدادة والفلاحة وغيرهم ممن يعملون تحت أشعة الشمس الحارقة وأيضا عمن هم دون سن البلوغ القرآن الكريم يقول عن صيام رمضان فى سورة البقرة الآية 184 «....أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين» وأيضا من نفس السورة الآية 185 «...وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ»، ولأن الشارع يريد التيسير على العباد عكس ما يسعى إليه بعض الفقهاء من تشديد، فلم يضع الشارع عقوبة على من يفطر رمضان، لأن الصيام هدف معنوى قائم على القدرة والاستطاعة والإحساس بالضعيف والفقير والمريض، وفى نفس الوقت عَظَمَ الشرع من شأن الصيام وأجر الصائم، إلا أن الله يحب أن تؤتَى رخصه كما تؤتى عزائمه لقول الرسول (ص) عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص): «إنَّ اللهَ يُحبُّ أن تُؤتَى رُخَصُه، كما يُحبُّ أن تُؤتَى عزائمُه» رواه الطبرانى فى الكبير وأيضا البزار، ولأن الله رخص لغير القادرين من المرضى وغيرهم ممن لا يطيقونه أى لا يستطيعونه الإفطار، فقد طالبَ من كان منهم مقتدرًا إطعام مسكين عن كل يوم من أيام رمضان، وإن كان الإنسان فقيرًا وغير مقتدر فلا شىء عليه، لأن الصيام أساسه الاستطاعة، فيسقط الصيام لغياب الاستطاعة والقدرة، مثل المريض بالأنيميا ومريض الكلى الذى يحتاج إلى شرب الماء كل ساعتين على الأقل، وأيضا مريض القلب ومريض السل ومريض السرطان، وهشاشة العظام، والصرع، والمصاب بجلطة، والمصاب بشلل من أى نوع، وكذا الحامل والمرضعة لعدم استطاعتهما ولحاجة الجنين والرضيع إلى الغذاء، وكذا الحائض والنفساء، لأنه لا يستقيم الشرع مع الضرر، لأن دفع الضرر مقدم على جلب المنفعة، وحتى لا تلحقهم مشقة من الصيام أو يسبب تضاعفا للمرض، أو تأخر البرء والشفاء منه، لذا يرخص لهم فيه الإفطار، وعند الشفاء وانتهاء العذر عليهم قضاء هذه الأيام أو إطعام مسكين عن كل يوم، أيضا من يعملون فى أعمال شاقة ويكون الصيام سببا فى توقفهم عن نصف مدة العمل المعتاد يوميا بسبب عدم الطاقة والاستطاعة، لأن العمل عبادة لا تقل عن الصيام، فله أن يُفطر، ويطعم مسكينا عن كل يوم، إذا كان يستطيع ماليا، وخلاصة القول إن كل الحالات السابقة لها عذر شرعى يعطيها الحق فى رخصة الإفطار، والله يحب أن تؤتى رخصه.
نقول هذا لإجلاء الحق ولا نخشى إلا الله وابتغاء رضاه.
الشيخ د.مصطفى راشد، عالم أزهرى وسفير السلام العالمى للأمم المتحدة