رصد الكاتب البريطاني ديفيد جاردنر محاولات الرئيس السوري بشار الأسد استغلال هجمات تنظيم (داعش) في سوريا والعراق على مدار الشهر الماضي، لصالح موقف نظامه.
ورأى جاردنر - في مقال نشرته الفاينانشيال تايمز مساء الثلاثاء - أن هذه الهجمات الداعشية وجرف الحدود القائمة بين سوريا والعراق وإعلان دولة الخلافة السنية، كل ذلك إنما يدعم موقف الأسد، الذي يكرس منذ إندلاع الثورة السورية عام 2011 أنها ليست سوى مؤامرة خارجية لزرع متطرفين يعتنقون فكر تنظيم القاعدة في قلب الشام.
وأوضح جاردنر كيف نجح الأسد في تحويل مشكلة نظامه في مواجهة ثورة شعبية غاضبة إلى أزمة إقليمية تسبب صداعا دوليا، عبر تأجيجه للفتنة الطائفية بين أقلية الشيعة وأغلبية السنة في بلاده، وإعلانه الحرب على أبناء شعبه في وقت تخاذل فيه الغرب عن دعم المعارضة، وقدوم آلاف المجاهدين المتطوعين إلى ساحة الحرب في سوريا للانضمام لصفوف داعش.
وكيف ساعد تنظيم داعش الأسد في ذلك بوضعه الغرب ومصالحه الإقليمية في كفة واحدة مع نظام الأسد.. وأشار جاردنر في هذا الصدد إلى قول مسؤول نظامي سوري "على الغرب أن يدرك أنه مخطئ بتشجيعه هؤلاء الناس في التأسيس لأنفسهم بالمنطقة.. إن المشكلة لم تعد قاصرة على سوريا".
واستدرك جاردنر قائلا: إن نظام الأسد استعدى تنظيم داعش لذلك فعليه أن يترقب الانتقام، لا سيما وأن التنظيم بات أفضل تسلحا بعد الاستيلاء على عتاد من الجيش العراقي.
وأضاف إن هناك سببا آخر من شأنه تقويض نجاح الأسد، وهو انسحاب القوى المناصرة لبقائه في السلطة (إيران وحزب الله) من الساحة السورية إلى الساحة العراقية مناصرة للشيعة العراقيين.
وأخيرا قال جاردنر إن كابوس داعش في قلب الشرق الأوسط أثار تساؤلات لدى صانعي السياسات الدوليين حول بواعث ظهور مثل هذا التنظيم وكيفية التعامل معه.. ونوه جاردنر في هذا الصدد عن حقيقة انقسام العراقيين فقط ولأول مرة على يد رئيس الوزراء نوري المالكي وسياساته الطائفية ضد السنة .
وأعاد الكاتب إلى الأذهان كيف كان هؤلاء العراقيون أنفسهم كيانا واحدا إبان اجتياح العراق بقيادة أمريكية عام 2003.
وبالمثل، نوه جاردنر عن حقيقة أن تنظيم داعش لم يستطع العثور على موطئ قدم له في سوريا إلا بعد وحشية الأسد الطائفية وفشل الغرب في دعم المعارضة.. ورجح جاردنر أن يعمد صانعو السياسات، لا سيما الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى تصحيح الأخطاء.
واختتم جاردنر بالقول: "من الصعب جدا أن ينعم الشام الذي بات متشرذما بأي قدر من استعادة الوحدة والاستقرار في ظل جلوس أمثال الأسد والمالكي على كراسي الحكم".