الإرهابيون يسعدون كثيرًا باستشهاد أى رجل شرطة.. ويغضبون بشدة عندما نطلق عليهم اسم شهداء، لأنهم يرفضون اعتبار غيرهم شهداء، كأنهم مسجلون فى عنبر الخطرين، فى مستشفى الخلل الذهنى والضياع العقلى، يرتدى كل منهم سلطانية على رأسه، ويصر على أنه الوكيل الوحيد لله، سبحانه وتعالى، وأنه وحده (دون حتى الله عز وجل)، الذى يملك تحديد مَن الشهيد ومَن المجرم الحقير.. ولأنهم مجانين مختلون موتورون، فقد وجد فيهم الشيطان الرجيم خامة ممتازة، تجمع أعظم صفتين لجند الشيطان.. الغل والاندفاع، وما يرتبط بهما من غياب العقل وغشاوة البصيرة.. ولعبة الشيطان مع أمثال هؤلاء هى أن يزيّن لهم الشرور، ويصبغ عليها صبغة دين زائفة.. الكذب والخداع والحنث بالوعد ونقض الوعود، كلها أمور نهى عنها ديننا الحنيف، ولكنها تسعد الشيطان، لذا فهو يختار أصحاب العقول الضائعة المختلة، ويكسو تلك الحقارات بسكر شيطانى ويقنع الحقراء أنها كلها تنطوى تحت بند (الحرب خدعة).. ولأنهم فى واقعهم من أتباع الشيطان، بكل ما فى نفوسهم من غل وكراهية وبغض، فهم يسقطون بإرادتهم فى فخ الشيطان، ويقنعون أنفسهم بأن الشيطان الرجيم يريد لهم رفعة الدين الحنيف، فيرتكبون كل ما يسعد الشيطان ويرضيه ويمتعه، ويهتفون باسم الله العزيز الحكيم، المنتقم الجبار، الذى لن يرضى إلا بأن يخزيهم الخزى المذل المهين فى الدنيا، والخزى الأبدى الرهيب فى الآخرة.. وهناك سيتبرأ الشيطان منهم، ويتساءل: ألم تكن لهم عقول ليدركوا فداحة ما يرتكبون؟! ألم يكونوا من أولى الألباب، ليعلموا أن دين الله الرحمن الرحيم، ليس للدعوة إليه إلا الوسيلة التى أمر بها سبحانه وتعالى، فى كتابه العزيز.. الحكمة والموعظة الحسنة؟! وعندما يصطف أمامهم من أراقوا دماءهم فى وحشية وشراسة وقسوة، يطالب كل منهم بحق دمه، سيهتفون بأن شيوخهم الذين استخدمهم الشيطان لخداعهم، هم من أخبروهم أن هذا هو الطريق إلى الجنة، وسيفاجؤون بشيوخهم، الذين أطاعوهم وخالفوا من خلقهم، يتبرؤون منهم، ويرتجفون بكل رعب الآخرة، فى انتظار عقاب يفوق عقابهم مجتمعين.. والشيطان يتابع كل هذا مبتسما مهللا منتشيا، لأنه جعل فئة مختلة من البشر تطيعه من دون الله عز وجل، ويراها ترتجف هلعا، من هول ما ستلاقى، دون دول ترعاهم أو مؤسسات تحميهم، أو حتى الشيطان الذى أغواهم يخفف عنهم.. هذا الحديث ليس لهم، لأنهم فقدوا العقل والبصيرة والإبصار، فور إراقتهم أول دم، وصاروا أشبه بكلاب مسعورة، لا يمكن أن تحيا دون دماء.. والدين الذى يدّعون أنهم يحاربون من أجله، هو أكثر ما أساؤوا إليه بغبائهم واختلالهم، فصار فى نظر العالم دين الهمجية والوحشية.. دين الكذب والخداع.. دين الغدر.
نبيل فاروق يكتب: دين الغدر..
مقالات -
د. نبيل فاروق