■ لا حول ولا قوة إلا بالله.. تلك القطعان الهمجية المتوحشة التى تعيث فى أرضنا الآن قتلاً وتخريبًا وتفجيرًا وفسادًا، حتى لم يتبق فى مناظرها الكريهة شىء من بقايا إنسانية ضائعة وفطرة سليمة تشوهت، وأرواح تخربت، وعقول بددها جهل عميق وظلام دامس ثقيل.. هؤلاء يقتلون ويفجرون أجساد الأبرياء من أهل الوطن، ويرتكبون أبشع وأحط الجرائم والفواحش وأكثرها جنونًا، ومع ذلك تراهم يحتفظون بمخزون خرافى من الجرأة والوقاحة والبجاحة، ما يكفى لتلويث عيون ضحاياهم بلافتة بائسة، تنضح بالنفاق والكذب والنصب، إذ هى تسألهم عما إذا كانوا تذكروا الصلاة على سيدنا النبى محمد (صلى الله عليه وسلم)؟!
كثيرون ردوا على هذا السؤال اللئيم الوقح بسؤال المجرم الأفاق الذى كتبه ونشره على خلق الله: هل تذكرت أنت أنت النبى الكريم، صاحب الخلق العظيم وصليت عليه قبل أن تبث قنبلة أو تنصب فى الظلام فخا، لكى تقتل ما تيسر من شبابنا وبناتنا ورجالنا، وتدمر ثرواتنا ومقدراتنا، وتشيع الخراب فى ربوع الوطن؟!
طبعًا الجبناء لم يردوا وإنما أمعنوا فى ارتكاب المزيد من الإجرام والتخريب والتقتيل، غير أننى أتطوع بالإجابة عنهم وأقول: نعم إنهم غالبًا يلهجون بالصلاة على سيدنا النبى بألسنتهم القذرة قبل وبعد كل جريمة منحطة وخسيسة يرتكبونها.. لماذا؟! لأن جريمتهم الأصلية أنهم قاموا بالسطو على الدين الحنيف، ونشلوا شعاراته وحفنة من كلماته، ثم تنكروا (بخيابة مفضوحة) تحت ظلالها وراحوا يعربدون ويقترفون أسوأ الفظائع والجرائم وأشدها هولًا وخسة وانحطاطا!!
■ أول من أمس نشرت منظمة دولية معنية برصد حالة الدول من حيث عوامل ومظاهر استقرارها السياسى والاقتصادى والاجتماعى، تقريرًا للائحة تضم 178 دولة تقدمها جميعًا فى الهشاشة وفقدان الاستقرار والأمن عدد كبير من أقطار من أمتنا العربية، وظهرت دولة جنوب السودان التى نجح نظام حسن البشير، الذى ينعت نفسه بـ«الإسلامى» فى شطرها وفصلها عن الوطن السودانى الأصلى، وجاءت «الصومال» خلف هذه الدولة الوليدة مباشرة، بعدما ظلت سنوات تحتفظ بالمركز الأول فى الخراب والخطر والفشل الذريع فى استعادة كيانها، الذى مزقته تماما حروب عصابات من المجرمين، كلها ترفع راية الإسلام بالكذب والزور، بينما هى ترتكب أشد صور الإرهاب والعنف والتخريب.
التقرير المذكور وضع فى مواقع متقدمة جدا من الخطر والهشاشة وعدم الاستقرار كلاًّ من السودان والعراق وسوريا واليمن وليبيا وموريتانيا وجيبوتى ولبنان، إضافة إلى دول ما زالت مهددة بالخطر (بدرجات مختلفة) هى مصر وتونس والأردن والبحرين والسعودية والجزائر والمغرب.
ماذا تفهم من قراءة هذه اللائحة وأسماء دولنا العربية التى تتبوأ وحدها وعن جدارة أكثر مواقعها تقدمًا من الاضطراب والمشكلات، التى تكتسب عند بعضها طابعًا وجوديًّا يهدد وحدتها وتماسك كيانها؟!
التقرير المشار إليه اكتفى برصد الحالات ولم يتعمق، بل ولا اقترب أصلاً من أسبابها، غير أننا نعرف السبب والحقيقة، التى يكفى لكى نمسكها بأيادينا أن نلاحظ أن كل مظاهر الاضطراب والخراب خرجت كلها من عباءة بائسة قذرة، إذ هى منسوجة من فشل ذريع فى بناء دول ومجتمعات عصرية تستجيب لحقوق البشر الطبيعية فى الحرية والعدالة والمساواة، وكذلك وتحت غبار هذا الفشل تراخينا وصبرنا كثيرًا (حتى زهق الصبر منا) على عصابات الهمج تجار الدين، الذين ضربوا بعفنهم وتخلفهم فى أحشاء أوطاننا، وهم الآن يجاهدون لكى يدفنوا هذه الأوطان وينزعوها قسرًا وغصبًا من التاريخ والجغرافيا، ومن الإنسانية كلها.