الحكومة تلجأ إلى الحل السهل دائما..
والسهل هنا على حساب المضمون من محدودى الدخل والطبقة المتوسطة، فتجد الحكومة حلًّا سريعًا لتدبير عجز الموازنة، ليصل إلى نفس المبلغ الذى كان عليه فى العام الماضى، تنفيذًا لطلب الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى رفض اعتماد الموازنة بعجز قدره ٢٩٠ مليار جنيه، ووافق أخيرا على أن يكون العجز ٢٤٠ مليار جنيه.. وكان الحل فى رفع مزيد من الدعم عن البنزين والسولار والبوتاجاز والكهرباء.
.. فلم تتعب الحكومة نفسها.. واختارت الأسهل والمضمون.
لم تهمها الحالة التى وصل إليها الفقراء ومحدودو الدخل فى ظل السنوات العجاف بعد ثورة ٢٥ يناير، وقبلها سنوات فساد مبارك ونظامه، الذى لم يكن يعمل سوى للأغنياء والأثرياء وتسهيل الاستيلاء على المال العام.. وتربية مافيا أراضى الدولة الذين يخرجون لسانهم الآن للناس متلحفين بقنوات فضائية يمتلكونها ويخسرون فيها.. ولكن يستعوضون عن تلك الخسائر بنفوذها وتأثيرها والتغطية على الفساد الذى شاركوا فيه، والمكافآت التى حصلوا عليها من مبارك ونظامه!!
اختارت الحكومة أن تسدد ديونها من جباية الدخل المحدود للفقراء والموظفين المضمونين.
لم يهمها حالة الاحتجاج التى قد تحدث.. فهى معتمدة على أن الناس «تعبت» ولم يعد لديها قدرة على المناكفة.. ناهيك بحالة القمع التى بدأت فى العودة، مخالفة قيم ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو والدستور الذى يحصن المواطن.. لكن الحكومة تريد إهدار المواطن الآن.
.. فالحكومة ليس لديها خيال فى وضع حل أمنى للمشكلة وحل آجل للخروج من الأزمة.
.. لم تفكر فى بدائل موجودة وأمام عينها ولديها قوانين تمكنها منها.
.. فهناك النظام الضريبى لذى لم يُفعّل.
.. وهناك الضريبة العقارية.
.. وهناك الضريبة التصاعدية التى لم تُفعّل.
.. ولم تسعَ الحكومة للحصول على الأموال التى استطاع البعض تهريبها.
.. وكذلك أموال المضاربات وتسقيع الأراضى.. أين الضرائب عليها؟
.. وضرائب البورصة.. أين حصيلتها؟
.. أضف إلى ذلك أموال الفساد التى يمكن مواجهتها والحصول علىها بإجراءات حازمة.
لكن دائما تنظر الحكومة إلى الحل السهل.
.. فليس هناك مواجهة مع الفساد.
.. وليس هناك مواجهة لرجال أعمال الفساد، الذين نهبوا البلاد ونشروا فيها الفساد وما زالوا يستمتعون ولا أحد يكلمهم.
لقد كان الأمل أن تكون هناك صفحة جديدة فى التعامل مع الفساد والمتهربين وآكلى أموال الشعب فى تلك المرحلة.. خصوصا فى ظل الاحتياج الشديد إلى تلك الأموال فى ذلك الوقت وكفى فسادا.. وكفى الاتكال على الغلابة فى الجباية.
.. قد يتحمل البعض تلك الزيادات المتوقعة بعد رفع الدعم من البنزين والسولار والكهرباء، وخصوصا أن زيادة الأسعار ستشمل كل شىء، وليس أسعار الطاقة كما يذكرون فقط.. ولكن إلى متى؟!
فالوطن فى حاجة إلى رؤية مغايرة عن الطريقة التقليدية فى التفكير حتى فى الحفاظ على العجز كما كان العام الماضى.
الوطن فى حاجة إلى خيال جديد من أجل الانطلاق وتحقيق تنمية حقيقية.. لا كلام واهٍ دون تغيير حقيقى عما جرى فى السنوات الماضية.