1- بعد عام واحد من إسقاط المرسى لم يعد للتركيبة التى أسقطته وجود....
2- لم يعد منها غير صيحات مقاومة من عمليات التنكيل والملاحقة للجناح الأكثر هشاشة (الشباب/ الثوار/ القوى الجديدة على اللعبة السياسية... أو غيرها من تسميات وأوصاف).
3- بينما أصوات الهستيريا عالية من جانب قطاعات خائفة... ومرعوبة... وفى نفس الوقت يحاول بعضها بث الرعب أو بيعه فى الشوارع لكى يبرر «العودة المستحيلة» لما قبل ٢٥ يناير.
4- تركيبة 30 يونيو ابتلعت إلى حد كبير فى جسد قديم/ مريض بعدم الكفاءة/مجنون بفرض السيطرة... لكن له جمهور قسم منه يبحث عن مصالح/ وأجزاء أخرى تحلم بالاستقرار أو بالتغيير الذى انفجرت من أجله 25 يناير.. لكن على يد الجنرالات.
5- هذا العبث يقابله على الطرف الآخر مظلوميات ضخمة لا تصنعها «الحرب على الإرهاب» بقدر ما تصنعها طبيعة متجذرة فى قلب المؤسسات الأمنية التى ترى أن مهمتها «بيع الرعب»، بينما مواجهة الجريمة (الإرهاب أو غيره)... أو تحقيق الأمن (فهى نتيجة لرواج تجارة الرعب)...
6- وهذه النتيجة تقود إلى كوارث... ليس فقط فى اتساع مساحات الظلم والتشكك فى مؤسسات العدالة والأمن... ولكن على أرض الواقع ومن خلال واقعة مثل تفجيرات قصر الاتحادية... حيث يتجلى عدم الكفاءة والاكتفاء بالاستعراض بديلا عن خطة تأمين (مركز الحكم..)..
7- الاستعراض هو كل ما لدى الجسد العجوز الذى ابتلع 30 يونيو... وانتفخ بها... ولم يتحرك بعدها خطوة فى إطار الحكم أو تأسيس نظام جديد أو حتى عبور بركان الأزمات الاجتماعية...
8- هذه بعض من تعقيدات 30 يونيو تظهر فى مشهدها بعد عام واحد.. كما ظهرت تعقيدات 25 يناير بعد أقل من ذلك... إنها أوضاع ناتجة عن عدم التوازن الفاضح بين القوى السلطوية (النظام القديم والإخوان الذين فشلوا فى وراثته) وبين القوى الساعية للتغيير وبناء دولة حريات وقانون...
9- هذه الهشاشة فى تركيبة القوى الجديدة تؤدى بكل موجة من الثورة إلى مصارعة الثيران السلطوية.... وكل ثور ينتصر يفخر بانتصاره ويقيم الأفراح والليالى الملاح ثم يفشل... فتشتعل البلد وتستلم سلطوية جديدة......
10- هذه هى المتاهة التى نعيشها منذ الخروج الكبير طلبا للحرية والعدالة والكرامة... وهى مطالب لن تدفن.. بل سيدفن من يتجاهلها أو يتصور أن الاستقرار يعنى استقراره على العرش..
11- والحال أننا بعد سنة من خروج ضد ديكتاتور بائس... ما زلنا ندور فى ذلك المشهد التعس لحرب بين «المومياء» و«الوحش»... نخاف من الوحش (إخوان/ جهاديين/ سلف/ داعش/ خلافة/ قاعدة) فنستدعى لإنقاذنا... دولة أكلها الفساد والاستبداد ومصمص عظمها الطغاة وتحولت إلى «مومياء».
12- هذا واقعنا الذى يجب أن نتأمله... ونفكر فيه.. لا نتعالى عليه... ولا ننكره... ولا نتصور أن الخروج منه سيحدث بإلقاء اللعنات عليه...
13- أؤكد قدرنا وواقعنا السياسى الذى لا يجب التعالى عليه ولا اعتباره نهاية المطاف أو سقوطا لا نهائيا فى الرمال المتحركة. الأحداث التى عشناها فى ثلاث سنوات ونصف تشير إلى أن هناك ما يقاوم السقوط. وأن المومياء الباقية فى أنظمة الاستبداد القديم تقاوم الوحش الذى يخرج مثل فرانكشتين، من بين أكوام النفايات المتراكمة من سنوات ما بعد الاستمرار. هى حرب «داعش» و«الدولة القديمة»... لمن يعتبرها قدرا ومستقبلا، هذا هو اليأس، ولمن لديه أمل وتفاؤل تاريخى هى نهاية مرحلة كاملة... وإنهاء لكليهما المومياء والوحش، أما التاريخ فله مسار آخر تبدو فيه الحرب جزءا من صيرورة أو عملية لم تعد تقوى المومياء على النهوض بها... كما أن الوحش سيأكل نفسه أو يأكله صانعوه... إننا نعيش فى الأسطورة/الخرافة... لكنها للأسف واقع كامل الأوصاف.