أشفقت كثيرًا على فؤش من حالة الفأششة التى قيدته وحاصرته وفأششته.
محمد فؤاد يعيش دائمًا من خلال هذا الاعتقاد الراسخ بأنه يملك لمسة سحرية، عنده السر وصاحب فيض من الكرامات، ومن يمنحه بعضًا من نفحاته ينطلق بجناحيه إلى أعلى عليين إلى السماء السابعة.
فى عام 1997 وقف مع محمد هنيدى فى «إسماعيلية رايح جاى» فقدم للساحة نجما كوميديا أحدث طفرة على خريطة السينما المصرية، الكل وقتها أشار إلى هنيدى باعتباره هو الذى أصدر البيان الأول للثورة، ومِن بعده انطلق الآخرون الذين أطلقنا عليهم «المضحكون الجدد»، وأشار إليهم بوضوح شباك التذاكر، حيث حقق «إسماعيلية» 15 مليون جنيه (ضعف ما كان يحققه عادل إمام نجم الإيرادات الأول فى تلك السنوات) كان فؤاد يقول إنها إيراداته، ويتعجب هل تنسب إيرادات أفلام عبد الحليم حافظ إلى عبد السلام النابلسى، وبعدها قدم أيضا للساحة ثانى نابلسى أقصد أحمد حلمى فى 2001 فى «رحلة حب»، وانطلق ولا يزال يقف على قمة إيرادات جيله من فنانى الكوميديا، ثم تعثر فؤاد فى 2002 مع أحمد آدم فى «هو فيه إيه»، وكل منهما اعتبر أن الآخر هو سر النحس، إلا أنه عاد مجددًا فى 2005 وقدم فى «غاوى حب» وقدم ثالث نابلسى رامز جلال فانطلق بطلا فى الأفلام ومقدم ناجح لبرامج المقالب.
بالتأكيد لم يصل محمد فؤاد إلى المكانة التى يستحقها، فلقد بدأ المشوار قبل نحو ثلاثة عقود من الزمان وكانت أسهمه فى صعود ووقف على القمة مشاركا عمرو دياب، بل تفوق فؤاد على عمرو سينمائيا، ثم شاهدنا حالة من التراجع على كل المستويات، اختيارات فؤاد العشوائية لعبت دورًا فى تراجعه وهبوط أسهمه، حاول قبل أربع سنوات أن يجرب حظه فى الدراما التليفزيونية بمسلسل «أغلى من حياتى» فتضاعفت هزيمته، ثم تورط فى السياسة فى أثناء ثورة 25 يناير، عندما أعلن أنه سوف ينتحر لو تنحى مبارك، ولم ينقذه من الوفاء بوعده سوى أن مبارك تخلى ولم يتنحَ.
ثم اختفى وأصبح ظهوره مقصورًا بين الحين والآخر على برنامج، وفى العادة تستمع إلى تصريح له بأنه يتّبع ريجيما قاسيا، بينما الكل على الشاشة يلاحظ جسده وهو يتضخم!
الحضور فى الميديا للفنان ليس فقط من أجل الحصول على الأموال فقط، ولكنه وجود يمنحه قدرة على التنفس، إلا أن هناك أعمالا فنية تُفقد الفنان رصيده وتشوه صورته الذهنية وتمنع عنه الأكسجين.
دائمًا أراه فى حالة تخبط، الموهبة منحة من عند الله، ولكن قسطًا وافرًا من أغلب اختيارات فؤاد هى سر المحنة.
أتصور أن قبوله -مهما كان الإغراء الماضى- أن يقدم برنامج مقالب على غرار رامز جلال هو الخطأ الأكبر، أفهم أن يشارك فى حلقة فى مثل هذه البرامج زيارة سريعة، ولكن أن يظل 30 حلقة وهو يعتقد أنه الشاب الروش خفيف الظل، نُصبح لا محالة بصدد كارثة متكاملة الأركان، من السهل أن تكتشف أن كله يلعب على كله أعنى أن ضيوف فؤاد يدركون أنها لعبة، وفؤاد يدرك أنهم يدركون أنها لعبة والجمهور يدرك أنهم يدركون أنه يدرك أنها لعبة، ورغم ذلك يستمرون فى اللعب.
فؤش.. سايق عليك النبى فى هذه الأيام المفترجة ارحمنا من الفأششة!!