الحكومة لا تمل من طلب الترشيد فى استهلاك المواطنين للكهرباء.. وهذا حقّها حتى فى تلك الأيام من سخونة الجو التى لم تمر على مصر من قبل.وتمارس الحكومة الترشيد الإجبارى على المواطنين بقطع الكهرباء عنهم وتنغيص حياتهم لساعات طويلة.. تصل إلى أكثر من ٣ ساعات فى القاهرة.. و١٠ ساعات فى المحافظات.. وتصل أحيانًا إلى أكثر من ١٤ ساعة فى قرى الصعيد.
.. والحقيقة أن كل الأحياء ينقطع عنها الكهرباء بما فى ذلك الأحياء الراقية.. لكن يظل مَن له نفوذ على شركة الكهرباء فلا تنقطع عنه أبدًا (هناك بعض النماذج).
ويبدو أن الحكومة والقائمين عليها لا يدركون حجم مأساة انقطاع التيار الكهربائى بالساعات الطوال على الناس.. خصوصًا أن الحكومة تطالب بزيادة أسعار الكهرباء وهى لا تقدّم الخدمة بشكل جيّد ومنتظم.
.. أى نعم الحكومة ورثت عجزًا كبيرًا فى الوقود.. وكذلك مشكلات محطات الكهرباء خصوصًا صيانتها التى تعطل إمداد الكهرباء.. وهى مشكلة قديمة لكن لم تكن هناك رؤية مستقبلية لأى من الإدارات السابقة (ويبدو فى الإدارة الحالية) فى التعامل مع ذلك.
لقد صدَّعنا سامح فهمى وزير بترول مبارك، من فائض البترول والغاز الذى يكفينا سنوات طوال.. فكان كل ذلك ضحكًا على الذقون ومبارك، لكى يظل فى مكانه يهدر أموال البترول ويجامل الشركات ويبيع الغاز بثمن بخس وفقًا لاتفاقيات لم تستطع الحكومات تعديلها.. ولكن تستطيع فقط تعديل أسعار البيع للمواطنين!!
.. كما سبق أن صدَّعتنا وزارة الكهرباء بالربط الكهربائى مع الدول المجاورة، خصوصًا مع السعودية، وذلك منذ أواسط الثمانينيات.. وكنا نعتبر هذا الكلام من قبيل الرفاهية.. ويبدو أن الحكومة كانت تعتبره كذلك فلم تنجز أى شىء فى ذلك الربط.. وقد تبين كم كنا فى حاجة إليه خلال تلك الفترة «العقيمة».
.. ما علينا، نعود إلى ترشيد الحكومة الذى تطالب به المواطنين، وهى «المطنّشة» عن أمور تملكها وتستطيع أن ترشّد وتوفر الكثير.
.. ولعل أصحاب السعادة من الوزراء الذين يصحون مبكرًا الآن قبل الساعة السابعة صباحًا باعتبارهم أعضاء فى «حكومة ٧ الصبح» يرون فى طريقهم إلى وزاراتهم أعمدة الكهرباء مضاءة فى الشوارع وعلى الكبارى صباحًا نهارًا جهارًا.. رغم أنها تدخل فى الأحمال ويتم قطع الكهرباء عنها بالليل.. ويبدو أن الحكومة «الرشيدة» تريد أن تستهلك الكهرباء الفائضة من الأحمال فى الإضاءة نهارًا.
ليس هذا فقط.. فهناك الكثير ممن يقيمون الزينات ويستخدمون الكهرباء فى الاحتفالات، خصوصًا فى شهر رمضان.. ولا أحد يطالبهم بشىء.
ويكفى أن يمر أحد من أعضاء الحكومة أو من وزارة الكهرباء أو الشركات التى توزّع الكهرباء ليرى حجم هذه الزينات واستهلاكها للكهرباء.. وربما لا تنقطع عنها الكهرباء، مثل المنازل «أغلبها لا تُضاء بمولدات وإنما تسحب من الكهرباء العمومية».
فأين الترشيد الذى تطالب به الحكومة؟
.. لقد كنت أتوقع من هذا الترشيد أن يجرى إلغاء البانرات الدعائية أو عدم تزويدها بالكهرباء.
.. وحدّث ولا حرج عن تزويد المبانى المخالفة بالكهرباء، ويبدو أن شركات الكهرباء لا يهمها سوى الحصول على الأموال.. فالكل يعرف أن البنايات مخالفة، ومع هذا يتم تزويدها بالكهرباء.. فلماذا؟!
يبدو أن «الترشيد» كتب على المواطن الغلبان الذى يخضع له بالقهر.. وليس بانقطاع التيار فقط الذى قد يؤدِّى إلى تدمير أجهزته المنزلية الكهربائية.. وإنما برفع الأسعار أيضًا عليه.