الوضع فى ليبيا يثير أزمة كبيرة فى المنطقة..
حالة الفوضى العارمة.. وسيطرة الجماعات التكفيرية وتهريب السلاح عبر الحدود إلى الدول المجاورة.. كل ذلك وغيره يصدر إرهابا وعدم استقرار إلى دول المنطقة، ويهدد حال الدول التى نجحت إلى حد كبير فى الوصول إلى حلول استقرارية.
ولعل مصادر متعددة ترى أن حل الأزمة أو الفوضى فى ليبيا يجب أن يتم من خلال دول المنطقة، خصوصا تحالف مصرى-جزائرى.. هكذا تحدثت إلىّ مصادر مطلعة فى الشأن الليبى.. ولا يرون حلا إلا فى ذلك.
ومن ثم جاءت أهمية زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الجزائر ولقاؤه الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة.
فليبيا أزمة للمنطقة..
وأزمة كبرى لمصر.. وأمنها القومى..
ولا بد من سيناريو للتعامل معها فى ظل «الطناش» الدولى الذى ولد تلك الأزمة الكبرى فى التخلص من نظام استبدادى، كان يعتبر نفسه ليبيا.. وحول الثورة الشعبية إلى صراعات مسلحة، أى نعم كان الدور الأساسى فى ذلك للعقيد الذى صنع الميليشيات المسلحة، والذى جعل ليبيا مخزن أسلحة فوجئ به الجميع يهرب بعد ذلك عبر العصابات إلى الدول المجاورة ومصر، لاستخدامها فى أعمال الإرهاب.
فما حدث ويحدث فى ليبيا هو صنيعة الاستبداد الذى نهب البلاد واستغل خيرات الوطن من أجل البقاء فى السلطة إلى الأبد.
وقد سلم الله مصر مما جرى فى ليبيا.. ولكن يجب الحرص واتخاذ مواقف واضحة وكاشفة لوقف تصدير الإرهاب القادم من ليبيا إلينا.
ومن هنا كانت الأهمية الكبرى للجزائر لبناء تحالف لمحاربة الإرهاب.
ولعل اكتمال ذلك باستعادة السودان وتأمين الأمن القومى من خلال تلك الدولة الشقيقة الهامة لنا، التى جرى إهمال العلاقات معها على فترات، أو قُل هناك مد وجزر فى العلاقات.. لكن نحن فى حاجة إلى علاقات تعاون مثمرة.
فمصر تعود إلى إفريقيا بقوة..
وتعود إلى العالم.. ولا بد أن نعمل من أجل المصلحة المصرية..
فليس هناك عداء مطلق مع دول، خصوصا إذا كانت من دول الجوار.
فمصر فى حاجة إلى استعادة قوتها وعلاقاتها وحضورها الإقليمى والدولى.
ولا بد أن نبدأ بالجوار والدول الشقيقة.. ونستعيد دورنا العربى، خصوصا فى ظل المساندة الخليجية الحالية التى لم تحدث من قبل.. وربما هذه المرة أكبر مما جرى فى حرب ١٩٧٣.
ولعل ما حدث أيضا من اتفاق مبدئى مع إثيوبيا فى أزمة سد النهضة.. يعيد العقل والمنطق فى العلاقة ليس بين البلدين فقط، وإنما مع دول حوض النيل، التى شهدت خللا كبيرا خلال السنوات الماضية وفى ظل أيام مبارك الأخيرة.
لقد كان الموقف من دول حوض النيل واتفاقية الإطار التى طرحتها الدول قائما على نظرة دونية من مصر إلى تلك الدول، وهو أمر لم تكن مصر تتعامل به أبدا.
وبناء على ضعف فى أداء المسؤولين فى «الرى» وقتها، وعلى رأسهم الوزير نصر الدين علام، الذى لم يأت من مدرسة وزارة الرى ولم يكن متخصصا، وجاؤوا به على عجل بعد تخلص مبارك المفاجئ من الوزير القديم محمود أبو زيد، فأدخل علام البلاد فى أزمة مع دول حوض النيل.. وتم تتويج الأزمة بموقف إثيوبيا الذى تحول إلى عداء.. وكانت قمة المهزلة فى الاجتماع الخطير الذى عقده محمد مرسى مع بعض السياسيين لاتخاذ موقف من سد النهضة، فأساؤوا إلى مصر قبل أن يسيئوا إلى إثيوبيا.
ولكن اتفاق المبادئ الأخير مع إثيوبيا يعيد مصر مرة أخرى إلى المنطق فى التعامل مع الدول الصديقة، ويستعيد مرة أخرى الدور المصرى..
فعلا مصر تعود وبقوة.