هل تعتبرها شائعة حسنة النية أم أن هناك من أراد توريط عادل إمام؟ أتصورها مكيدة متكاملة الأركان مصنوعة بدرجة عالية من الإتقان، لكى يصطدم الزعيم مع أجهزة الدولة، وفى نفس الوقت مع مشاعر الناس.الشائعة حددت 52 مليونا ونصف المليون جنيه بالتمام والكمال يتبرع بها عادل، أسوة بما فعله الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى تبرع بنصف راتبه ونصف ثروته.
عادل اكتفى بنصف أجره الذى تقاضاه عن المسلسلات الثلاثة التى قدمها تباعا منذ رمضان 2012. ورطة ولا شك عاشها عادل فى الساعات القليلة الماضية، أولا تحديد الرقم بهذه الدقة ليس وليد صدفة، لا شك أن من فجّرها واحد من أهلها، أقصد ممن ينتمون إلى الوسط الفنى، وبالمناسبة الرقم صحيح، وسبق أن أعلنه فى الكواليس أكثر من منتج تعاون مع عادل، لكن إذاعته فى هذا التوقيت بالقطع ليست فى صالح عادل. لست أدرى ما مدى صحة ما تردد أن وكالة «الأناضول» التركية هى التى بثت الخبر، وما مصلحتها فى توريط عادل، الغريب أن أكثر من فضائية أسهمت فى بث الخبر، رغم ما يحمله من تفاصيل توحى بعدم البراءة، ولو سلمنا جدلا أن «الأناضول» تنفذ أجندة دبرها أردوغان للانتقام من عادل فما مصلحة كل هؤلاء المذيعين لانتشارها؟ أتصور أن مقدمى البرامج أرادوا تقديم رسالة للرأى العام تؤكد أن الزعيم يستجيب للقائد، لكن النوايا الحسنة بالطبع لا تكفى، لأن الوجه الآخر من الصورة يعنى أن يعترف الزعيم بأنه حصل بالفعل على هذا الرقم، وهو ما سوف يؤدى إلى تساؤل فى نقابة الممثلين، التى سبق أن أعلن خليل مرسى المسؤول عن تحصيل نسبة 2% من أجور الفنانين لصالح صندوق النقابة فى أثناء تصويره العام الماضى مسلسل «العراف»، أعلن أن عادل لم يقدم للنقابة القيمة الحقيقية للتعاقد، وبالتالى لم يسدد حقها، الذى هو حق الغلابة والمرضى من الزملاء. المنتج فى العادة لا يذكر الرقم الحقيقى، الوحيد الذى فعلها هو صفوت غطاس على إثر خلاف مع عادل، ولأن «فرقة ناجى عطالله» كانت واحدة أيضا من القضايا، التى وقف فيها المهندس أسامة الشيخ أمام ساحة القضاء، لأن اتحاد الإذاعة والتليفزيون أسهم فى إنتاجها، فكان ينبغى الكشف عن حقيقة الأجور.
الكل يعلم أن سوق الدراما تخضع للعرض والطلب، وعادل هو أكثر فنان عربى يتمتع بقوة تسويقية لا مجال للتشكيك فيها، لكن نشكك فى الأرقام التى يعلنها، عندما كذّب شائعة تبرعه بهذا الرقم حرص على الإعلان بأنه لا يوجد فنان يحصل فى المسلسل على 35 مليون جنيه. الحقيقة، سيظل الرقم مؤشرا هاما فى تقييم مسار النجوم، ليس هو العامل الوحيد ولا الأهم، لكنه يحمل دلالة لا يمكن إغفالها. عادل تاريخيا هو الذى قفز فى نهاية السبعينيات بأجور النجوم إلى الضعف، كان محمود ياسين يحصل فى الفيلم على 10 آلاف جنيه، وهو رقم بمقياس تلك الأيام عظيم، إلا أن عادل استطاع أن يضاعفه، كما أنه أول فنان يصل إلى خانة الستة أصفار كأجر، وآخر أعماله «زهايمر» حصل على 16 مليون جنيه، وسر توقفه أربعة أعوام عن السينما هو ذبذبة السوق، التى فرضت عليه أن يخفض أجره إلى النصف فى فيلم «ناجى عطالله»، وهكذا تحول إلى مسلسل ليزيد أجر عادل إلى أكثر من الضعف، ومن بعدها أصبح موطنه الأساسى هو الشاشة الصغيرة.
الأرقام المعلنة سواء للضرائب أو لنقابة الممثلين منذ أربعة عقود من الزمان ليست هى الحقيقة، هناك عُرف شائع فى الوسط الفنى يسمح بوجود عقدين، رسمى وشفهى. عدد كبير من النجوم يتعامل عرفيا، ولا أتصور أن نفى «صاحب السعادة» وحده يكفى!