لا يمكن أن نصف الآخر (أمريكا وأوروبا وبينهما إسرائيل) بالذكاء والعبقرية، وأنهم أفضل حالا منا فى كل المجالات. مع أن الذى يلقى نظرة سريعة على الأحداث منذ 11 سبتمبر، أو نعود إلى اللحظة التى توجه فيها صدام حسين للكويت.. فسوف نكتشف المفاجآت، حيث إن الفرق بيننا وبينهم هو أنهم عباقرة فى الاستفادة من أخطائنا الجسيمة.. ويعرفون جيدًا كيف يوقعوننا فى الهاوية التى لا خروج منها.. ثم يبدؤون فى نسج ما يريدون وكيف يستفيدون مما يريدون.
ومن هنا نخرج بسؤال: ماذا استفاد مَن قاموا بأحداث 11 سبتمبر؟ وهل وضعوا خطة أو برنامج عمل للاستفادة مما قاموا به؟ وهل الذى سوف يقومون به له نتائج مضادة؟ وهل يمكنهم الوقوف فى وجه تلك النتائج المضادة؟ بالطبع.. لا، حيث إننا جميعا عَربًا ومسلمين نتبع أسلوب (افعل اللى ييجى فى دماغك وربنا معانا)، نفس المنطق اتبعه صدام حسين. وأسامة بن لادن وغيرهما حيث لا تخطيط ولا حساب للمكسب القريب والبعيد، ولا عمل حساب للخسارة ولا عمل أى تقدير للآخر من حيث رد فعله.
إنه أسلوب العنتريات، فكما أن صدام سبب ضياع العراق.. وحسنى مبارك سبب ما جرى للوطن خلال السنوات الماضية قبل 25 يناير وما بعد 25 يناير، يفعل به ما يشاء.. وهو نفس منطق الإخوان فى التعامل مع الوطن الذى آل إليهم من حسنى مبارك بطريقة فريدة لم يفهموها قط.. وعاشوا الحلم الذى تحقق.. ولم يعملوا على المحافظة عليه -أى الحلم- فضاع الحلم.. كما ضاع العراق.. وكما ضاعت فلسطين من قبل، وكما تضيع ليبيا.. وكما وكما وكما.
إن أمراض العرب.. السياسية والفكرية والاقتصادية انتشرت فى الجسد العربى، بسبب نقص المناعة فى هذا الجسد المتهالك، ونقص المناعة الذى أصاب الجسد العربى بسبب التوقف والبعد عن القراءة، ومن ثَم التوقف عن فهم الواقع الذى يعيشون فيه، لأن القراءة تعنى الفهم.. تعنى التخيل، وعن طريق التخيل يمكن للفرد العادى أو الفرد السياسى تجنب الوقوع فى مشكلات يمكنها أن تذهب به وببلده إلى بحر الظلمات.
وعن طريق التخيل يمكن تجنب الوقوع فى كوارث كثيرة قسمت ظهر العرب وحسنى مبارك والإخوان، «لو كان حسنى مبارك يحسن التخيل وقراءة الواقع وأقال الحكومة وحبيب العادلى.. (طلب الشباب فى أول الأمر) لكنه لم يحسن القراءة والفهم». ولو كان محمد مرسى يحسن القراءة والفهم.. لأقال هشام قنديل، وفعل كما قال معاوية صاحب أهم مقولة يتبعها الرئيس الناجح.. وهى نظرية معاوية.. أى شعرة معاوية.. لكنه فضل عليها نظرية أو مقولة ميكافيللى وحدث ما حدث.
إن القراءة أهم وأعظم فعل توصّل إليه الإنسان على مر تاريخه، وقد استفاد الإنسان من هذا العقل العبقرى فى كل الدول وكل الأمم إلا نحن، ما عرفنا للقراءة قيمة أو معنى، ودائما ينظر الناس إلى من يبتاع كتابا أو مجلة على أنه إنسان (فاضى) فى أحسن الأحوال. إن فعل القراءة أوشك أن يتوقف تماما رغم كمية الكتب التى تقذفها المطابع كل يوم تقريبا.