هل استشار الرئيس السيسى أحدًا فى ما قاله وأعلنه أمس؟
حتى الآن لا يعتمد الرئيس السيسى على مستشارين.
ما قاله فى ما يخص الموازنة مهم وخطير، وصراحته ممتازة ومكاشفته للناس أمرٌ رائع جدًّا، أما التبرع بنصف ممتلكاته وراتبه فتعبير عن إخلاص ونية صادقة، لكنه ليس حلاًّ، لا راتبه ولا تبرعاته أو تبرعات أى أحد.
وقد جربت مصر كثيرًا طريقة النوايا الحسنة وجمع التبرعات وفشلت كلها، ولا أظن أن حظها سيتغير مع السيسى. طبعًا بعد فورات الحماس والمزايدة التى ستحدث كالعادة، يبقى أنها رسالة غاية فى الحساسية والأهمية، لكن يبقى السؤال: هل جلس مع عدد من المستشارين (المستشار حاجة والمساعد حاجة تانية)، وأخبرهم أنه سوف يقول كذا؟ فما رأيكم فى ما سأقول؟ وما رأيكم.. كيف أقوله؟ أو ما توقعاتكم؟
هو يفكر ويدرس ويسمع ويستمع ويقرر، لكن أين المستشارون؟
هو حر تمامًا فى أن يختار مستشاريه بالطريقة التى يريدها، ومن التوجه الذى يفضله، لكن الفكرة أن يكون هناك فعلاً مستشارون وأن يعلنهم فنعرفهم، لكن المستشارين على طريقة استدعاء خبير متخصص حين التفكير فى قضيةٍ ما أمرٌ جيدٌ طبعًا، لكن لا ينفى ضرورة وحتمية الوجود الدائم للمستشارين الذين يرون الصورة الكلية، ويصنعون معًا قرارًا مدروسًا.
قد يرى البعض أن السيسى يستشير أجهزة الدولة الأمنية، سواء مخابرات حربية أو مخابرات عامة أو أمنًا وطنيًّا.. هو يعتمد على معلوماتهم وهذا منطقى، لكن هل هم مستشارون وصناع قرار؟ وهل يعتمد على معلوماتهم أم على تحليلاتهم؟
هى أجهزة أمنية وليست مؤسسات سياسية، فالسياسة غير الأمن، هى أجهزة تملك معلومات، لكن هل تملك رؤية؟
تصدر المخابرات المركزية الأمريكية صحيفة يومية تطبع وتوزع فى تمام الساعة التاسعة بتوقيت واشنطن، وطبقًا لرواية وليام كولبى، مدير الوكالة الأسبق، فتلك الصحيفة هى أكثر صحيفة فى العالم من حيث عدد محرريها البالغ عددهم ستة آلاف محرر (يعملون لحساب الوكالة فى مشارق الأرض ومغاربها)، المدهش أن قراء تلك الصحيفة هم أقل قراء صحف فى العالم، بل غير مسموح حتى لمحرريها بقراءتها. ويبلغ عدد قرائها ستين قارئًا فقط، من بينهم أهم قارئ فى العالم رئيس الولايات المتحدة، لكن المفارقة تكتشفها عندما تعرف أن أهم العاملين فى المخابرات الأمريكية وظيفتهم فى البطاقة هى محلل.. نعم المحللون هم أهم مَن يعمل وأغلى مَن يعمل وأكثر مَن يعمل فى هذه المؤسسة.
جمع المعلومات بات مسألة سهلة من خلال تكنولوجيا مبهرة وفذة، حيث تصل إلى كل ما تريد أن تصل إليه، وهناك مئات الأقمار الصناعية وعشرات الآلاف من أجهزة التنصت فى العالم، لكن كل هذه المعلومات لا تساوى مليمًا أو سنتًا دون محلل يحللها ويفهمها ويبنى على أساسها خططًا ويقترح وَفْقَها خطوات ومواقف.
هل سيكمل السيسى طريقه بطريقته؟
وحدها الأيام ستجيب!