عبد المنعم أبو الفتوح تظاهر، فى الانتخابات السابقة، أنه خارج جماعة الإخوان، وكانت هذه خطة ذكية منهم، أخرجته خارج الدائرة، وجعلته احتياطيًّا مرتقبًا، فى حال فشل خطة الهيمنة الأولى.. ولكن ما إن قال الشعب كلمته، ولفظ جماعة الإخوان وأتباعها، بعدما رآهم مستبدين متعجرفين متكبرين متعالين منعزلين، لا يؤمنون أو يعملون إلا من أجل أهلهم وعشيرتهم فقط، حتى ولو قتلوا كل شباب مصر، وما إن خرج الشعب يهتف بسقوطهم، حتى رفع السيّد أبو الفتوح القناع، وأسفر عن إخوانية مغرقة فى الأخونة.. واليوم، مستمر فى لعب دور الطيب الغلبان، أعلن أن الإخوان سيخوضون الانتخابات البرلمانية القادمة.. الواقع أن السيد أبو الفتوح انكشف وبانت لبته، بعد ما ذابت قشرته، والإخوان انكشفت هويتهم الشيطانية الحقيقية، ورأى الشعب منهم كل سوء.. ووفقًا للحسابات العددية، لا يمثل الإخوان وأتباعهم ما يكفى للفوز بمقاعد البرلمان.. إلا إذا -والخطورة تكمن هنا فى إلا إذا هذه- فلو ظلت الأحزاب الأخرى على اختلافها، وتعارضها، وخلافاتها، والإعلان عن هذا فى كل المحافل، فستتفرّق أصواتها، وتتشتت، وتنكسر على صخرة المطامع والطموحات، وتتحول إلى أعواد حطب منفردة، يسهل تحطيمها، وعندئذ تصبح فرصة الإخوان فى الفوز كبيرة، على الرغم من صغرها.. ودعونا نحاول أن نتخيّل ما يمكن أن يحدث، إذا ما فاز الإخوان فى الانتخابات، وحصلوا على أغلبية برلمانية.. أبسط الأمور أنهم سيشكلون الحكومة، فنعود إلى كأنك يا أبو زيد ما غزيت.. سيعوقون كل سبيل لتقدم مصر وتطورها، وسيسعون إلى هدم كل ما تحقق، وإفشال كل حلم وسبيل.. وسيضعون رجالهم فى كل موقع، فى محاولة لإعادة الفيلم الكارثى من أوله، وستعود مصر إلى الصراعات والخلافات والطعن والضرب والتقاتل.. سيعود الإرهاب إلى سيناء، وإلى مصر كلها، و.. يا لها من صورة مخيفة، أشبه بأفلام الكوارث الأمريكية.. المشكلة أن هذه الصورة المفزعة يمكن أن تصبح حقيقة، لو لم تنتبهوا أيها السادة، وتتخذوا موقفًا وطنيًّا، يعلو فوق الأحزاب والخلافات والمطامع، والسعى وراء المناصب والألقاب والمكاسب والبريستيج السياسى، ويضع مصر ومستقبلها فوق كل اعتبار.. المثل القديم يقول: فى الاتحاد قوة، وفى التفرّق ضعف.. اتحدوا إذن وصيروا قوة، ولا تتفرقوا فيأكلكم ضعفكم.. انتبهوا أيها السادة.. انتبهوا.. انتبهوا.. انتبهوا قبل فوات الأوان.. مصر تجاوزت أوّل جسر، فى طريق المستقبل الذى تحلم به، ولكنها لم تجتز بعد الجسر الأكبر، نحو ذلك المستقبل.. ساعدوها.. أعطوها.. أنقذوا شعبها.. اصنعوا مستقبلها.. وانتبهوا جيدًا، فمن النصر ما هو قمة الهزيمة وكل العار، ومن الهزيمة ما هو قمة النصر، وكل الفخر.. انتبهوا.
نبيل فاروق يكتب: انتبهوا أيها السادة «3»
مقالات -
د. نبيل فاروق