كان تعبير الرئيس السيسى قويًّا فى احتفال تخريج دفعة جديدة من كلية الشرطة: «إياكم والظلم!».
إنه توجيه هام من الرئيس لضباط الشرطة الجدد وهو ما ينطبق أيضا على جهاز الشرطة كله.
لقد خرج الشعب فى ثورته ضد نظام مبارك أساسًا ضد الظلم الذى تعرض إليه عبر سنوات طويلة.
ضد الظلم الذى كانت تمارسه قوات الأمن من أجل مصلحة النظام وشخص مبارك وعائلته فعانى الناس من الظلم والتهميش والقبض العشوائى والتعذيب الممنهج فى السجون وأماكن المعتقلات.
فى نفس الوقت الذى استمتع فيه رجال النظام بالمزايا والرفاهية والمال والتحكم فى القرارات، ما دام فى خدمة العائلة الفاسدة وكانت رعايتهم كاملة من جانب أجهزة الدولة.
وكانت فئات المجتمع الأخرى مظلومة ومنكوبة بذلك النظام الفاسد المستبد، الذى اعتبر نفسه يملك عزبة مصر وما عليها، وله الحق فى كل شىء بما فيه نشر الظلم.
فلم يكن أمام الناس سوى الثورة على الظلم، ولعل الناس تذكر مدلول الدعوة إلى الثورة على الظلم فى ٢٥ يناير.
فالظلم كان أساس ثورة ٢٥ يناير، التى يريدون طمسها الآن، ويرونها مؤامرة بعد أن نجحوا فى إجهاضها بعد سرقتها.
فتخيلوا ثورة ضد الظلم والاستبداد والفساد تتحول بقدرة قادر على يد متلونين فاسدين إلى مؤامرة وكارثة (!!).
ولم يصمت الشعب على الظلم، حتى على الذين تستروا بالدين.
فلم يترك الشعب الإخوان ينشرون الظلم بعد أن سيطروا على مقدرات البلاد، فى ظل تهاون البعض ممن يدعون الآن الوقوف فى مواجهتهم، وقد كانوا ينافقونهم كما نافقوا الذين قبلهم فى نظام مبارك وينافقون الآن ومستعدون لتقديم أى خدمة نفاق لأى نظام.
لكن الشعب هو الذى تصدى لظلم الإخوان.
وهو الذى وقف ضدهم وضد سلطتهم التى أرادوا فرضها بالقوة وبالظلم.
فخرجوا ضدهم فى مظاهرات تذكرهم بالظلم.
لكن تمادى الإخوان فى ظلمهم ووصل الأمر بمندوبهم فى الرئاسة إلى إصدار الإعلان الدستورى الظالم المستبد فما كان من الشعب إلا التصدى لهذا الظلم.
وكانت أحداث الاتحادية «الظالمة»، التى كشفت عن مدى الظلم الذى يمارسه الإخوان ومدى ما كانوا ينوونه من ممارسة الظلم على الناس من أجل السيطرة والتمكين.
لكن الناس أصرت على مواجهة هذا الظلم وأجبرت أدوات الدولة وأجهزتها التى كانت تستخدمها الجماعة على الانضمام إلى الشعب لرفع الظلم والعدوان.
فكانت ثورة ٣٠ يونيو التى كان وقودها شباب وثوار ٢٥ يناير.
كانت أيضا ضد الظلم.
لكن هل تعلمنا مما جرى خلال السنوات الماضية ومن ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو؟
أعتقد حتى الآن لم نتعلم بعد.
خصوصًا فى ظل وجود وجوه شاركت فى الظلم تحاول أن تسيطر على الساحة الآن وتمارس الظلم من تانى.
ولعل الرئيس السيسى يعلم أن الظلم ما زال موجودًا.
وأن الأمن عاد إلى ممارسة الظلم.
وذلك رغم أن دستور البلاد يرفع الظلم عن الناس.
فهل من مجيب لرفع الظلم عن الناس ولو بالدستور؟