سيخرجون بعد قليل.. من مكان ما.. أو بتعليمات شخص ما.. أو استدعاء رجل مهم ما.. ليس مهمًّا لكنهم سينتظرون تقدير حجم المظاهرة ليبدؤوا «هجمة المواطن الشريف».. حجم المظاهرة يحدد فى البداية الهجوم من عدمه؟ طريقة الهجوم.. وخطة الاصطياد.
وإذا كان البلطجى هو «المواطن الشريف».. أو «اليد السرية» التى تحكم الشرطة بها الشوارع ثم تهاجمها فى الإعلام وأمام الشعب.. إذا كانت هذه اللعبة مستمرة إلى الآن.. إلى لحظة يفض فيها البلطجية مسيرة رفض قانون التظاهر.. الشباب الذى يطالب بحق التظاهر.. يقف الآن أمام النيابة ويقضى وقتًا من عمره داخل الحجز اللعين.. بينما البلطجى يستمتع بالمكافأة التى حصل عليها بعد استعراض «الفض..».
وبعد أن كان السؤال المنطقى: كيف ستقضى الشرطة فى عهد السيسى على بلطجية تستخدمهم؟
عرفنا أمس: لماذا تتخلص تلك الشرطة من البلطجية وهى تستخدمهم؟.. وفى الحقيقة استخدامات متعددة بداية من ترويع المتظاهرين وحتى إثارة الرعب فى الشوارع لتعلو الاستغاثة: «.. عاوزين أمن» ثم مبررات لحملات القبضة الأمنية وتحويل الكمائن إلى مسرح استعراضى للإذلال و«تمليط» الفرد من إنسانيته وكرامته.
عرفنا أمس أنهم يريدون معاداة جيل ثار على دولة الظلم والفساد والاستبداد طوال ٣٠ سنة من مبارك.. ويشنون حملات التشويه فى إعلام يعمل بأوامرهم ويصف الخارج عن الطاعة بالخيانة والجاسوسية.. عرفنا أنهم يريدون شعبًا فى طليعته البلطجية وفى قلبه فرق الطبالين وكورس البغبغانات..
عرفنا أمس أنهم عادوا إلى دولاب عملهم القديم الذى كانوا يخجلون منه، لكنهم الآن يعلنونه بوضوح: مَن معنا وطنى وشريف.. ومَن ضدنا جاسوس وعميل.. وسيتم التعامل معه خارج القانون أو بقانون «اللى تحكم به العب به».
إنها عملية ممنهجة لكسر الإرادة والترويع والانتقام من فكرة الثورة (الفكرة فى ذاتها أو الصوت العالى فى مواجهة الظلم أو عدم الخضوع لسطوة صاحب القوة..). والانتقام طبعًا من الذين ما زالوا يصدقونها (.. على اختلاف طيفهم السياسى.. أو الاجتماعى).. إنها رغبة فى ضرب قوة المجتمع أو المجموعات الفاعلة فيه لتعاد هندسته الاجتماعية ليس بالضرورة لتخدم عصابة مبارك القديمة، ولكن لمن ينتظرون أن يكونوا العصابة الجديدة.
بداية العملية تأتى من ترويع الشباب وكسر إرادتهم ودفعهم إما إلى السجون وإما الهجرة أو الاختباء من جديد فى الحجرات الشخصية.. واستبدال كومبارس صامت بهم، مثل الذى ظهر بالزى الموحد ويحمل ورودًا فى حفل تخريج الشرطة.
من أجل هذا خرجت فرق البلطجية فى الشوارع، تحركوا بكامل حريتهم، وأدوا فقرتهم فى حفلة فض المظاهرة، ثم عادوا إلى بيوتهم ينتظرون «الأوردر» القادم.. بينما الذين لم يفعلوا سوى الاعتراض على قانون التظاهر ودافعوا عن المعتقلين وطالبوا بالحرية التى لولاها لكان مبارك الآن مستمرًّا بعصابته.. فبعد وقوعهم فى الفخ المحفوظ (بلطجية يتبعهم صيادو المتظاهرين).. يواجهون أجهزة دولة تستغل هستيريا الخوف من الإخوان فى تقوية قبضتها.
هل يتصور بناة النظام الجديد أنهم قادرون على التخلص من «قوة التغيير»؟.. هل توهمهم الهستيريا الراهنة أنهم سينجحون فى ما فشل فيه الإخوان؟.. هل يدركون كم عمر استخدام البلطجية فى حكم الشوارع من جديد؟ وكم عزت حنفى وخنوفة ونخنوخ يحتاجون؟
هل ستعيش دولة على «شراكة» أو «توظيف» البلطجية من جديد؟
.. سنرى.