شعب مصر ربح معركته الأولى، فى طريق المستقبل، الذى يحلم به... ربح رئيسًا مرغوبًا. سعت إليه السلطة، ولم يسعَ إليها... ولكن هذا النجاح جعل الإخوان وأنصارهم يغلون غضبًا، ويشتعلون حقدًا وكراهية، لمصر وجيشها وشرطتها... وشعبها أيضًا... ومشكلة الإخوان، وجماعات الإسلام السياسى، أيًّا كانت، هى أنها لا تضع فى ذهنها أدنى احتمال، ولا حتى فمتو احتمال، أنها قد تكون على خطأ... كل جماعة منها ترى أنها الحق المطلق، ولا حق سواها، وأنها وحدها المسلمة، وكل ما عداها من الكفار...
وفى سبيل إثبات أنهم وحدهم المسلمون، يرتكبون كل موبقات الدنيا، ويسجدون لكل ما يوسوس به الشيطان الرجيم، الذى أرسل إليهم أبالسة، تفتى لهم بكل شر وغل وكراهية ووحشية وسوء... كل ما فعله الشيطان، لتجنيد أبالسته، هو أن جعل من يفتونهم يطلقون لحاهم، وهو أمر يمكن أن يفعله أى شيطان، وصوّر لهم أن اللحية لا تنبت إلا على ذقن المؤمن، أما كل من هو غير مؤمن فهو أجرودى! وهكذا، ولكى يهدم إبليس دين الله الرحمن الرحيم، حجب عن أعينهم وقلوبهم وعقولهم كل معنى للحكمة والموعظة الحسنة، اللذين هما أساس الدعوة لدين الله عزّ وجلّ، كما أمر فى كتابه العزيز، وأوهمهم أن الوحشية والشراسة، والقتل والتعذيب وإراقة الدم، هى وسائل الخالق العزيز الحكيم فى نشر دعوته جلّ جلاله!
ولأن الإخوان بطبعهم متغطرسون عنيدون متعالون، لا يؤمنون بوطنية أو وطن، فهم لا يمكن أن يحملوا الخير، لأى مجتمع ينزلون فيه، وإنما هم مثل الكائنات الطفيلية، أو الفيروسات الشرسة، تدخل الجسد، فتهيمن على خلاياه، وتجنّدها لحسابها، حتى ولو أدى هذا إلى فناء الجسد نفسه، الذى يفارقونه مع فنائه، غير باكين عليه، ولا مهتمين بشأنه، تمامًا مثل الإخوان... الوطن بالنسبة إليهم نهيبة، إما أن يستولوا على كل خيراته، وإما أن يدمروه وشعبه تدميرًا... فلأنهم أتباع الشيطان فكل خلق الله المنتقم الجبار لا يساوون عندهم شروى نقير، ما داموا ليسوا من أتباعهم وأتباع شيطانهم... الشيطان شاطر بحق، ولكن البشر دومًا أشطر منه... هو يزيّن الشر للناس، حتى يبدو لهم كل الخير، ولكن العبد المؤمن الحقيقى يتصدّى له، ويفهمه... ويهزمه...
ولكن الشيطان كائن خالد، مستمر على عباد الله المعز المذل، حتى يوم الدين، وكلما أحبطت خطة من خطته، لجأ على الفور إلى أخرى... وأتباعه يتبعون المبدأ نفسه، ولهذا فكل نجاح يحقّقه شعب مصر، فى طريق مستقبله، سيدفعهم إلى وضع خطة بديلة، لتسييد يد الشيطان على مصر، التى هى بالنسبة إليهم نقطة الانطلاق، للسيطرة على العالم العربى كله... وشيطنته... ولهذا أعلن الإخوان أنهم، وعلى الرغم من كراهية الشارع لهم، سيخوضون الانتخابات البرلمانية القادمة، لأنهم يعلمون أن البرلمان، وفقًا للدستور الجديد، قادر على هدم خارطة الطريق، وتدمير مصر ومستقبلها الطموح، و... ما زالت لنا بقية.