انتهت الانتخابات الرئاسية، على نحو شهد الجميع بنزاهته، العدو قبل الصديق، وصار لدينا رئيس شرعى، اعترف به العالم أجمع، من خلال الوفود الرسمية، التى حضرت حفل تنصيبه، وشاهدت توقيعه وتوقيع الرئيس المحترم المبجّل الموقّر عدلى منصور، على أوّل وثيقة لتسليم السلطة فى تاريخ مصر الجمهورية..
التوقيع أمام الوفود والعالم لم يكن على تسليم السلطة فحسب، ولكن على مولد شرعية دولية جديدة، انسحق معها الحديث المأفون الممل، عن شرعية مخلوع، ثار عليه الشعب، ودفع ثمن عدوانه وعدوان جماعته، على وطن كامل.. الشرعية المزعومة انتهت، والشرعية الحقيقية ولدت.. الرئيس السيسى يبدو أثره واضحًا، بعد فترة قليلة جدًّا من توليه السلطة، مع بدء استعادة هيبة الدولة فى الشارع، الذى شهد فوضى عارمة، منذ يناير ألفين وأحد عشر.. الكارهون لا يرون ما يحدث، وما لاحظه وأدركه الكل، لأنهم كارهون، ليس للسيسى ولكن للوطن.. يتمنون أن ينهار الوطن، فقط حتى يثبتوا أن السيسى فاشل..
الوطن ومستقبله لا يساويان عندهم ذرة، من غلّهم وغضبهم وكراهيتهم، التى سلّمت قلوبهم للشيطان، فعادوا أوطانهم للشيطان فى الشيطان، ونحن أحببناه لله فى الله.. وفى كل الأحوال، انتهت مرحلة، وبدأت مرحلة جديدة.. مرحلة أكثر خطورة.. ألف مرة.. الدستور الجديد انتزع الكثير من سلطات رئيس الجمهورية، ومنحها لمجلس الشعب، مما يعنى أنه لو تعارض مجلس الشعب مع الرئيس، عجز الرئيس عن تنفيذ برنامجه، وضاع البلد فى الرِّجلين.. الأمر إذن يتجاوز الخلافات الحزبية، ويتعدّى التعنّتات الفكرية، والعناد السياسى..
إنها مصر، وبالنسبة إلى كل مصرى وطنى، لا شىء يعلو فوق صوت مصر.. مصر فوق الجميع.. فوق المكاسب الخاصة، والأرباح الشخصية.. إنها مصر.. لمن يؤمن بها.. الخلافات بين الأحزاب، والصراعات الداخلية فيها، ليست فى صالح مصر، فى أشد مراحل تاريخها خطورة.. جماعات الإسلام السياسى تنتظر متحفّزة، للانقضاض على البرلمان، والاستيلاء على نصف السلطة، وتشكيل الحكومة، وهدم كل ما فعلناه، من يناير ألفين وأحد عشر حتى اليوم.. من الناحية النظرية، هم لا يساوون -عدديًّا- ما يمكّنهم من هذا، وغضب الشعب منهم يعنى خسارتهم لا مكسبهم.. ولكن «الكورة إجوان» كما يقولون، واللعبة كلها يحكمها صندوق..
ولو ظلَّت الأحزاب المدنية مختلفة متصارعة، ستتحطَّم أصواتها على صخرة العناد، وسيربح الإسلام السياسى البرلمان والحكومة، وننسى خارطة الطريق وخطة المستقبل، ونعود لمناقشة سن زواج البنات، ونكاح الوداع، والأذان فى المجلس، وتضيع مصر، ويخسر الكل، وينهار المستقبل.. وتنهار الأحزاب كلها بالتالى.. هذا ليس مبالغة، ولكنه الصورة الواقعية، التى حجبها الغضب عن عيون ساسة مصر.
و..للحديث بقية.