تناولت تعليقات الصحف الأوروبية موضوع التمدد المفاجئ لمسلحي تنظيم "داعش" وتوالي سقوط مدن عراقية وعلى رأسها الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية، في يد الإرهابيين.
ويأتي هذا في ظل فشل حكومة المالكي في دمج مختلف أطياف المجتمع العراقي وفشلها في توفير الحماية للشعب العراقي.
وفي هذا الصدد علقت صحيفة " بيرلينر تسايتونج " الألمانية على الأحداث الجارية في العراق تقول"أضحت كل من سوريا والعراق، اللتان كانتا من أقوى دول الشرق الأوسط، مهددتين بالانهيار، وأوروبا ستجد نفسها أمام موجة جديدة من اللاجئين.
واشارت الصحف الى انه إذا تمكن المتطرفون من إقامة دولة خلافة إسلامية بين دمشق وبغداد، فستكون هناك مشكلة أخرى".
وتتابع الصحيفة قائلة: "مئات وربما آلاف من الأوروبيين يحاربون في صفوف قوات تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، ونجاحهم في إقامة دولة خلافة إسلامية قد يجذب المزيد من الشباب، وكثير منهم قد يعود ربما في يوم من الأيام إلى أوروبا."
ومن جهتها عنونت صحيفة " فرانكفورتر روندشاو " الألمانية تعليقها على التطورات الدامية التي تشهدها البلاد بـ " العراق ينهار" وتابعت الصحيفة تقول: "مع احتدام الصراع يدعو النظام العراقي في بغداد الآن البيشمركة الكردية للمساعدة، قوات البيشمركة التابعة لحكومة إقليم كردستان العراق، هي القوات الوحيدة التي بإمكانها مقاومة قوات تنظيم داعش بسرعة وبشكل فعال وهكذا يبقى الأكراد الأمل ما قبل الأخير.
واشارات الصحف الى ان الأمل الأخير على الأرجح فهو النظام الشيعي في إيران، الذي سيسرع لنجدة النظام الشيعي في بغداد وتزويده بالسلاح والحرس الثوري، وبعد أن خلف تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في العراق كارثة عظمى تتحمل مسؤوليتها، فمن واجبها التاريخي أن تتدخل للمساعدة في حل هذه المشكلة."
وأما صحيفة " فيستفالن بوست " الألمانية فترى أن "برميل البارود على وشك الانفجار" بسبب تقدم قوات داعش في المنطقة.
وعن هذا التنظيم الإرهابي تقول الصحيفة: "هدفهم الأسمى هو إنشاء دولة خلافة إسلامية تمتد من إيران إلى البحر الأبيض المتوسط، ولهذا الغرض يقتلون كل من يعترض طريقهم، الإرهابيون السنة من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) يقفون على مسافة قريبة من العاصمة بغداد، والحكومة فقدت سيطرتها على البلاد منذ فترة طويلة وهي عاجزة عن توفير الحماية للسكان، فمئات الآلاف، بما في ذلك العديد من المسيحيين، هربوا خوفا من بطش قوات داعش."
وتضيف الصحيفة: "الإسلاميون يستغلون الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة الأمريكية بعد انسحابها، وبعد الغزو الأمريكي للبلاد في عام 2003، فهي تتحمل المسؤولية عن الوضع الحالي، خاصة وأنهم جاءوا هنا لمكافحة الإرهاب، غير أن الأمريكيين لن يزودوا النظام بالأسلحة، خشية أن تقع في أيدي القوات المعارضة، فواشنطن لا يمكنها أن تعوّل على رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي مارس التمييز ضد السنة لعدة سنوات، وهم الآن ينتقمون، المنطقة تغرق في الفوضى.
ومن يعتقد هنا، أن الأمر لا يعنينا، لأن بغداد بعيدة جدا، فهو لا يعي خطورة الوضع. العراق وإيران وسوريا بلدان مجاورة لتركيا، شريكتنا في حلف الناتو. الفتيل يشتعل، وبرميل بارود على مقربة من الانفجار. وليس هناك مؤشر يدعو للأمل."
موضوع تقدم الجهاديين الإسلاميين في العراق كان حاضرا بقوة أيضا في الصحف الفرنسية وعلى رأسها صحيفة " ليبراسيون " التي عنونت تعليقها على الأحداث بـ "زحف الجهاديين في العراق"، وقالت: "الكراهية والخوف المتبادل بين الشيعة والسنة، والفوضى التي تسود في المنطقة منذ سنوات، ساعدت تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام (داعش) في السيطرة على منطقة شاسعة غنية بالنفط. إنها فعلا مأساة لشعوب العراق وسوريا.
القوات الإرهابية القاتلة تشكل تهديدا رهيبا الآن للسعودية وتركيا، التي تخشى من انفصال الأكراد. بل هو أيضا تهديد لأوروبا، التي تعتبر منطقة مفضلة للإرهابيين، هذا الانتصار للجهاديين لا يُظهر فقط فشل الغزو الأمريكي سنة2003، بل يؤكد أيضا على عجز الغرب في الحد من صعود التطرف الديني ".
وأما صحيفة " دي بريسه " النمساوية فرأت أن الأحداث الأخيرة تنبئ بإمكانية تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات، محمّلة المسؤولية في ذلك لرئيس الوزراء نوري المالكي.
وقالت الصحيفة: "السبب في صعود الإسلاميين في العراق فجأة من جديد، يرجع إلى حد كبير لشخص رئيس الوزراء، فالمالكي لم ينجح أبدا في دمج السنة والأكراد في حكومته، كما أنه فتح بابه للشيعة المتطرفين، فمقاطعة الأكراد والسنة الآن لجلسة البرلمان الخاصة بحالة الطوارئ، هو انتقام من المالكي وصرخة في وجه سياسته الإقصائية".
وتتابع الصحيفة: "مخاطر الحرب الطائفية وتقسيم البلاد إلى ثلاث مناطق، أصبحت من السيناريوهات المتوقعة ما بعد الحرب، مع أخذ الحسابات الجيوستراتيجية بعين الاعتبار".