نلتفت فنرى الأوطان العربية تتمزق بالإرهاب والقتلة والإخوان المجرمين، وبفوضى خونة ممن يؤجِّرون أرواحهم ويبيعونها للشيطان.
من الطبيعى أن يرتفع غضبنا ضد من يمس بلدنا بكلمة وضد من نراه يضر وطننا بتصرف أو موقف، خصوصا من هؤلاء المدعين الأدعياء أو الإرهابيين المتأنقين ومن الذين فرشوا أجسادهم سجاجيد للإخوان.
لكن لا يجب أن تنفلت مشاعرنا فتجور على عقولنا..
ولا يجب أن يقودنا غضبنا..
هذا كلام سأكرره لأؤكده..
هذا كلام قلته وسأقوله..
أذكِّر به نفسى وأذكِّركم..
أنصح به روحى وأنصحكم..
أنبِّه له قلبى وأنبِّهكم..
لا وقت لدى مصر لاستنزاف نفسها مرة أخرى فى التشتُّت النفسى والتفرُّق السياسى.
لن نحتمل حاملِى أختام الوطنية والدين مرة أخرى، يصنفون الناس.. هذا ثورىٌّ عذْبٌ فُراتٌ، وهذا مِلْح أُجاجٌ، وهذا فلولٌ، وهذا باعَ، وهذا خانَ، وذلك نافقَ، وهذا هادَن!
ارحموا أمكم.. مصر.
نرفض التكفير والتخوين، ونحاسب ونحاكم ونعاقب مَن تورَّط فى جرائم تحريض وكراهية وقتل وسفك دماء وعمالة للخارج، سواء كان الخارج دولا وحكومات أو تنظيمات أجنبية.
لكن لا بد من أن نفصل فورًا بين جماعة هى التى وصمت نفسها بالخيانة حين استعدَت على مصر الأعادى، وحين تآمرت وخربت وأجرمت وقتلت وفجرت وفخَّخت وباعت أسرار بلادها للأجانب، وتحالفت مع دول وتنظيمات خارجية لاقتحام سجون مصر وبث الذعر والرعب فى الوطن، وأعضاء عاديين للجماعة هم جيراننا وإخوتنا وأهالينا وزملاؤنا، طالما لم يلوثوا أيديهم بالدم فلا ذنب اقترفوه. نعم قلوبهم ملوثة بالحقد والكره والغل، بل والعداء للشعب وللناس، لكنها قلوبهم هى التى تأكلها النار، ندعو لهم بالهداية ونتمنى لهم العلاج من مرضهم، لكن لا نمس حقوقهم ولا نبادلهم كراهية ولا عدوانا ولا عدوانية.
ثم لقد عملَت آلة حمقاء منذ 25 يناير على تقسيم الناس ووضعهم تحت ضغط عصبى وإلصاق وصمة بهم، وزالت تماما الفواصل بين مَن تورطوا فى استبداد أو فساد، وهم كذلك بضع عشرات أو حتى مئات، وملايين من المصريين لم يكونوا أكثر من طيبين أعمَتْهم نياتهم الحسنة عن أخطائهم السيئة، فلما رفعت الثورة الغشاوة فرأوا، إذا بالبعض يدينهم ويَصِمُهم ويلفظهم دون ذنب إلا الرغبة فى امتلاك بعضنا أختام الوطنية وصكوك الثورة!
لا أحد ثورى ولا توجد على الإطلاق الآن قوى ثورية، وكل من ينسب إلى نفسه هذه الصفة منتحِلُ صفةٍ ومزوِّر، فالمصريون كلهم قاموا بالثورة، ولا فضل لعيِّل على عيِّل، ولا لرجل على رجل، ولا لامرأة على امرأة (لكن طبعا فضل ستات مصر فوق الكل).