قل لى بالله عليك: هل تجد رصيفا واحدا تسير عليه، فى معظم مناطق وأحياء مصر؟! الأرصفة ملكية عامة للشعب، وعلى الرغم من هذا فهى دوما محتلة، إما بباعة جائلين، وإما محل تجارى نشر عليها بضاعته، أو مقهى لم يكتف حتى بالرصيف، إنما احتل نصف الشارع أيضا، غير مبال بما يسببه هذا من اختناق مرورى، أو إزعاج المارة، أو تحرش الزبائن بالمارات والسائرات فى الطريق، وشرطة المرافق لا تملك سوى عمل محضر إشغال، ولم المقاعد والمناضد، فيدفع صاحب المكان الغرامة البسيطة، التى لا تساوى إيراد نصف ساعة، ويعاود احتلال الرصيف والشارع!
المشكلة هنا أن الدولة هى التى تتحمّل عبء تجاوزات المواطن، لكنها لو عكست الآية، وجعلت المواطن يدفع ثمن تجاوزاته غاليا، لفكر ألف مرة، قبل أن يتجاوز.. تعالوا نتصور ماذا إذا كانت هناك عقوبة قاسية للاعتداء على الملكية العامة، التى هى ملك الشعب كله؟! ماذا لو أن غرامة المرة الأولى للاعتداء على الملكية العامة هى عشرة آلاف جنيه، ترتفع فى المرة الثانية إلى مئة ألف جنيه، مع إغلاق المتجر أو المقهى لمدة شهر، يتم خلاله إلغاء ترخيصه تماما، إذا ما أعيد فتحه، أو استغلاله بأى صورة من الصور، قبل مرور شهر الإغلاق، فإذا ما أصر صاحب المكان على الاعتداء على الملكية العامة يتم سحب الترخيص نهائيا، ومصادرة العين أو إغلاقها؟! هل تتصورون، لو طبقنا قانونا كهذا، أن يحتل شخص واحد رصيفا أو طريقا؟!
قانون كهذا كفيل بفض الاحتلال، وعودة الأرصفة والطرقات إلى مالكها الشرعى وهو الشعب، وسيسهم بدرجة كبيرة فى إزالة كثير من الاختناقات المرورية، وفى رد الاعتبار للنساء والفتيات، بعد إبعاد من كانوا يتحرشون بهن فى الطرقات، التى تحتلها الآن مقاعد وموائد المقاهى.. الاعتداء على المنفعة العامة لا يقتصر على هذا فحسب، بل يمتد إلى بعد من يغرسون الأعمدة الحديدية أمام محالهم أو منزلهم، لمنع الآخرين من ركن سياراتهم، أو يضعون أحجارا كبيرة أمام المكان للغرض نفسه.. فوضى كبيرة، يمكن لقانون واحد أن يضبطها، وأن يضع قاعدة أساسية لمرحلة جديدة.. مال الشعب للشعب، والويل كل الويل لمن يعتدى على مال وحق الشعب.. قاعدة هامة لمرحلة تحتاج منا إلى الانضباط والحزم ووضع قواعد جديدة، لإعادة تقييم المجتمع، وتنقيته من الناصر الفوضوية الفاسدة فيه.. كثيرون يتحرشون بمصر أيها السادة.. كثيرون يسعون لهدم وتعطيل مسيرتها نحو المستقبل.. وبدون الحزم والانضباط، سيصعب على مصر مواجهتهم.. الدول العظيمة تكافئ من يعمل، وتعاقب، وبشدة، من يفسد ويتجاوز ويبلطج.. ومصر عظيمة.. عظيمة إلى الأبد.. إن شاء الله.