منذ عشرين عاما تقريبا، فتحت على نفسى أبواب الجحيم عندما طالبت بعلاقات طبيعية مع إسرائيل فى كافة المجالات. والآن أقول لكم: ما فاتنا أن نفعله منذ عشرين عاما علينا أن نسارع بفعله الآن.
لقد كان نظام مبارك حريصا على نسف أى فرصة قد ينتج عنها أى علاقات طبيعية بين مصر وإسرائيل. قد تسأل: لماذا، بينما هو محسوب على أنور السادات؟ نعم، هذه هى المشكلة بالضبط، كانت تربطه بالسادات علاقة حقد هائلة. إنجازات السادات كرجل حرب وسلام كانت تشعل بداخله نيرانا لا تنطفئ. هذه النيران جعلته يشن الحروب حتى ضد بعض رجاله المرموقين مثل يوسف والى. حروب خبيثة من تحت لتحت، بحيث لا تعرف بالضبط من أين تأتيك الضربات. أذكر أن المرحوم نجيب محفوظ العظيم قال، تعليقا على حكاية أن يوسف والى يستورد الأسمدة المسرطنة من إسرائيل، فقال: أنا أفهم أن ترسل إسرائيل أسمدة مسرطنة إلى مصر لأنها دولة غاوية أذية، ولكن ماذا عن المصريين؟ هل هم بلهاء لكى يشتروا هذه الأسمدة؟
الواقع، لم تكن هناك أسمدة مسرطنة اشتراها والى أو غيره من إسرائيل، بل كانت هناك الرغبة القوية المحمومة فى القضاء على إنجاز السادات وهو السلام. اسمحوا لى فى هذه اللحظة بأن أخاطب أجهزة الأمن السيادية فى مصر، لقد قمتم بدوركم فى القضاء على أى فرصة لعلاقات طبيعية مع إسرائيل، مجهودكم للأسف لم يكن لصالح مصر والمصريين، بل كان لصالح أحقاد مبارك. ذلك الرجل الذى أراد الإمساك بكل شىء، فأفلت منه كل شىء.
أنتم السبب فى أن آلاف المصريين الذين يعيشون فى إسرائيل الآن يشعرون بالرعب لمجرد التفكير فى زيارة الأهل فى مصر بعد سنوات طويلة من الغياب، كانوا يعرفون أن تهمة التجسس لحساب إسرائيل تقف فى انتظارهم فى مطار القاهرة. أليس ذلك هو ما حدث يا سادة؟ اسمعونى يا سادة وفكروا فيما أقول.. أصدروا بيانا واضحا يبلغ المصريين فى إسرائيل بأن زيارتهم لمصر هى حق من حقوقهم وأن إقامتهم وعملهم فى إسرائيل هما أيضا حق من حقوقهم.
أخاطب أجهزة مصر الأمنية، وأقول لهم: أطالبكم على الفور بعمل علاقات قوية مع أجهزة الأمن الإسرائيلية لتبادل الخبرات والحرب ضد الإرهاب. كما أطالبكم بالتركيز على الأسلحة الفضائية من أقمار تجسس وغيره، فلو أن لدينا أقمار تجسس لكنا استطعنا أن نعرف بالضبط حركة وخط سير الجماعة التى اختطفت وكيل النيابة. وبالمناسبة وبما أملكه من حس أمنى، أقول لكم: من المستحيل أن تكون هذه الجماعة من المجرمين الذين يخطفون الناس للحصول على فدية، الهدف السياسى لعملية الخطف واضح جدا وهو إبلاغ العالم كله بأن مصر تعيش فى عين إعصار الفوضى. كل فعل على الأرض له معنى ودلالة، ماذا تنتظرون بعد خطف وكيل نيابة؟ خطف رئيس المحكمة الدستورية العليا أم خطف وزير العدل؟!
أمر آخر يمكن تحقيقه على وجه السرعة وهو إنشاء المركز المصرى الأكاديمى فى تل أبيب وتغذيته بأفضل العناصر الأكاديمية.. أمر أخير، أحذركم من تصور أن علاقات طبيعية بين مصر وإسرائيل ستشعر الحكام العرب بالانزعاج، إنهم حكام يا سادة ورجال دولة ويفهمون فى أصول الحكم ويعرفون جيدا أن مصر تكون أكثر استقرارا بعلاقات طبيعية مع إسرائيل.. أعرف أن أفكارى فى هذا المقال ليست مرتبة ترتيبا جيدا، لا بأس، فما أطلبه يتطلب مجموعات عمل قوية فى كافة المجالات، وأنا مجرد كاتب متخصص فى إغضاب زملائه.