هذا العنوان مستعار من كتاب نشر عام 2005 للكاتب خالد الفرم ، كان يحتوي على عدة مقالات تتناول مشاكل الإعلام في الوطن العربي و توثيق حالته المتردية من خلال سرد أحداث حقيقية وكيفية تغطية الإعلام بطريقة غير مهنية لتلك الأحداث. ويتحدث الكاتب عن أهمية إدراك وسائل الإعلام بالمسؤلية الوطنية والإجتماعية و ضرورة الارتقاء بالأداء المهني. و الشاشة هنا لا تقتصر علي شاشات التليفزيون فقط و لكنه تعبير مجازي يشار به إلي وسائل الإعلام المختلفة.
في الواقع لم يتغير حال الإعلام في مصر كثيرا منذ ان نشر الكتاب، إلا و انه أصبح هناك فوضي إعلامية عارمة لدرجة أن الكثير أختلط عليهم مفهوم الحرية بحقوق تنص القوانين بعدم التعرض لها مثل التعرض لخصوصية الأخرين، إنتهاك سمعة البعض أو التشهير بهم، بالإضافة إلي تجاوز كثير من المباديء الإعلامية مثل خلط الرأي الشخصي بالخبر، و عادة ما يكون الرأي ليس قائما علي مصادر موثوق منها أو معلومات دقيقة، و الإعتماد علي مصادر مجهلة.
و لكن في مرحلة ما بعد الإنتخابات الرئاسية لا بد و أن يكون الخروج علي الشاشة (أو المضمون الذي تقدمه وسائل الإعلام) قائم علي معايير تبرز دور الإعلام في توعية و تنوير المواطنين، و توضح واجباته تجاه المجتمع من خلال إعلام يكون بمثابة مرأة لكل المجتمع.
فالخروج علي الشاشة يجب أن يكون مسئولاً و عنده سعة صدر لقبول الأراء المختلفة و المتناقضة. خروج جديد يعبر عن مختلف فئات المجتمع و متطلباتهم و مشاكلهم، يعطي صوت لمن لا صوت له، و لا يكون يعمل لحساب ملاك وسائل الإعلام، إعلام يدرك قيمة الفصل بين الملكية و التحرير. خروج يمارس المهنية مثل الدقة و الموضوعية و وضع الأخبار في إطارها الصحيح دون تهويل الخبر أو تهميشه. لهذا لا بد و أن يصطحب الخروج إنشاء المجالس الوطنية المشار إليها في الدستور التي من ضمن إختصاصاتها حماية المنافسة و عدم خلق إحتكاريين في السوق الإعلامية لضمان وجود ما يسمي بالتعددية أي وجود ملكيات مختلفة للإعلام حتي لا يسقط في يد فرد أو مجموعة أو حزب واحد.
الخروج علي الشاشة في المرحلة القادمة يجب أن يتحلي بروح مختلفة عن ما كنا نشاهده في الفترة الماضية. فوسائل الإعلام كانت عبارة عن ساحات للمشاجرة و السب و الردح و إلقاء التهم، كان خروجاً يبعث طاقات سلبية و محبطة. هذا لا يعني تجاهل المشاكل التي يعاني منها المجتمع التي قد تكون لها أثار خطيرة إذا لم يتناولها الإعلام و يسلط الضوء عليها. و لكن يجب أن تعلو وسائل الإعلام عن الصراعات الفردية و لا تكون طرفاً فيها، يجب أن تبذل جهودا لنقل مشاكل المجتمع بطريقة مهنية و في نفس الوقت تكون أداة لبعث الأمل من خلال الإشارة إلي أي مجهودات أو مشاريع أو خطط يتم تنفيذها. فكثرة التركيز علي السلبيات قد يأتي بأناس محبطة لا تري جدوي في بذل الجهد و العمل. لا شك في أن الإعلام يستطيع أن يكون له دور في إعادة الصفات التي طالما كانت في الشعب المصري و لكن أفتقدنا بعضها في السنوات الماضية مثل التسامح و التعاون ومساعدة الأخرين و إحترام الأخر. و أخيراً و ليس أخراً، علي وسائل الإعلام دور كبير في إعادة الشعور بالمواطنة و الإنتماء و حب الوطن و الإخلاص و التفاني في العمل من أجل المرور بالوطن من حالته الحرجة و الصعود به لمكانة تليق بقيمته الحضارية و الثقافية و التاريخية.