ما حدث من تحرش فى احتفالات التحرير، بتنصيب الرئيس السيسى، لم يكن مجرد مصادفة، أو فوران هرمونى لشباب فقد عقله، وإنما يشير تكرار الموقف، فى عدة حالات، على نمط واحد، إلى أنه عمل ممنهج، مدروس، ومخطط بعناية... ومن الواضح أن الغرض الأساسى منه هو إفساد فرحة الشعب بمناسبة تاريخية، أصابت فئة نعرفها جميعًا بالغضب والغل والكراهية والإحباط... وتلك الفئة من عبدة الشيطان، والتى تدعى أنها من جند الله عز وجل، تستبيح كل ما حرمه الله، سبحانه وتعالى، ونهى عنه عز وجل، وتقوم بكل ما وسوس به الشيطان، الذى يعبدونه دون حتى أن يدركوا هذا... فالإيمان بالله الرحمن الرحيم، هو أن تتبع ما أمر به، وتنتهى عما نهى عنه، وتترك له، المعز المذل، أن ينصرك، ما دمت تتبع ما أمر به، وتنتهى عما نهى عنه... والإيمان بالشيطان هو أن تترك نفسك للغضب والكراهية والغل، فيطير عقلك، وتصبح خادما للشيطان، وتنتهك الأعراض، وتسرق، وتكذب، وتقتل، وتسفك الدماء، وتخدع وتخون، والشيطان الرجيم يبتسم، ويقول لله عز وجل: أرأيت لماذا لم أسجد لآدم؟! عقله البسيط جعلنى أخدعه، وأوسوس له، فحوَّلته إلى خادم ذليل فى مملكة الجحيم، وهو يتصور أنه يؤدى واجبًا لم يؤمر به، فيرد عليه المنتقم الجبار: «أنت وهم فى النار».
عقوبة المتحرشين تم تغليظها، وحدثت حالات التحرش بعد تغليظها، ربما لأنه لم يتم تطبيق العقوبة الجديدة بعد. فى بعض الدول، ومنها ولايات فى أمريكا نفسها، يعاقبون المتحرش بما يسمى (الإخصاء الكيميائى)، وهو إجباره على تناول عقاقير توقف الشهوة الجنسية تماما، فإما أن يتناولها أو يودَع فى السجن عشر سنوات على الأقل.. العقوبة يمكن تطبيقها فى مصر، خصوصا أن مفعول تلك العقاقير ليس دائما، مما يمنحه فرصة استعادة قدراته، إذا ما أحسن السلوك طوال مدة العقوبة... ولا بد أيضا من مضاعفة أية عقوبة قانونية، فى حال تكرار ارتكاب الجرم، حتى يمكن أن تصل إلى السجن المؤبد، عند تكرار الجرم للمرة الثالثة، باعتبار أن هذا المجرم قد صار من الخطرين على أمن المجتمع، ويتحتّم عزله عنه... وماذا لو استفدنا من المسجونين الخطرين فى استصلاح أراض مثلاً، أو تمهيدها للمجتمعات الجديدة المزمع إنشاؤها، خلال المرحلة القادمة؟!
أعتقد أنه قد آن الأوان لتغيير السياسة العقابية فى مصر، لو أردنا حقا استعادة هيبة الدولة، ولا بد من تغليظ عقوبة مقاومة السلطات، وإلا لعجزت الشرطة حتى عن تطبيق القانون العادى... التحرش الجنسى يا أولى الأمر ليس التحرش الوحيد، الذى يحتاج إلى الضبط فى المجتمع، فالاستيلاء على المنفعة العامة صار ظاهرة مخيفة فى المجتمع، ولهذا حديث آخر.